للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحتاجون إليه من الطعام لاشتغالهم عن أنفسهم بما دهمهم من المصيبة.

قال الترمذي (١): وقد كان بعض أهل العلم يستحبّ أن يوجه إلى أهل الميت شيء لشغلهم بالمصيبة وهو قول الشافعي (٢)، انتهى.

قوله: (كنا نعدّ الاجتماع إلى أهل الميت إلخ)، يعني أنهم كانوا يعدون الاجتماع عندَ أهل الميت بعد دفنه، وأكل الطعام عندهم نوعًا من النياحة لما في ذلك من التثقيل عليهم وشغلهم مع ما هم فيه من شغلة الخاطر بموت الميت وما فيه من مخالفة السنة، لأنهم مأمورون بأن يصنعوا لأهل الميت طعامًا فخالفوا ذلك وكلفوهم صنعة الطعام لغيرهم.

قوله: (لا عقر في الإسلام) فيه دليل على عدم جواز العقر في الإسلام كما كان في الجاهلية.

قال الخطابي (٣): كان أهل الجاهلية يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد يقولون: نجازيه على فعله لأنه كان يعقرها في حياته فيطعمها الأضياف، فنحن نعقرها عند قبره حتى تأكلها السباع والطير فيكون مُطعمًا بعد مماته كما كان مُطعمًا في حياته.

قال: ومنهم من كان يذهب في ذلك إلى أنه إذا عقرت راحلته عند قبره حشر في القيامة راكبًا، ومن لم يعقر عنده حشر راجلًا، انتهى.


(١) في السنن (٣/ ٣٢٣).
(٢) قال النووي في "المجموع" (٥/ ٢٩٠): "واتفقت نصوص الشافعي في الأم والمختصر والأصحاب على أنه يستحب لأقرباء الميت وجيرانه أن يعملوا طعامًا لأهل الميت، ويكون بحيث يشبعهم في يومهم وليلتهم … ويلح عليهم في الأكل ولو كان الميت في بلد آخر يستحب لجيران أهله أن يعملوا لهم طعامًا.
قال أصحابنا : ولو كان النساء ينحن لم يجز اتخاذ طعام لهن؛ لأنه إعانة على المعصية.
قال صاحب الشامل وغيره: وأما إصلاح أهل الميت طعامًا وجمع الناس عليه، فلم ينقل فيه شيء، وهو بدعة غير مستحبة" اهـ.
وانظر: الأم للشافعي (٢/ ٦٣٥).
(٣) في معالم السنن (١/ ٥٥١ - مع السنن).

<<  <  ج: ص:  >  >>