للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فادعهم إلخ)، إنما وقعت البداءة بالشهادتين لأنهما أصل الدين الذي لا يصحّ بشيء غيرهما إلا بهما، فمن كان منهم غير موحد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومن كان موحدًا فالمطالبة له بالجمع بينهما.

قوله: (فإن هم أطاعوك) إلخ، استدلّ به على أن الكفار غير مخاطبين بالفروع (١) حيث دعوا أوّلًا إلى الإيمان فقط، ثم دعوا إلى العمل، ورتب ذلك عليه بالفاء.

وتعقب بأن مفهوم الشرط مختلف في الاحتجاج به، وبأن الترتيب في الدعوة لا يستلزم الترتيب في الوجوب، كما أن الصلاة والزكاة لا ترتيب بينهما في الوجوب، وقد قدمت إحداهما على الأخرى في هذا الحديث، ورتبت الأخرى عليها بالفاء (٢).

قوله: (خمس صلوات)، استدلّ به على أن الوتر ليس بفرض، وكذلك تحية المسجد وصلاة العيد، وقد. [تقدم] (٣) البحث عن ذلك.

قوله: (فإن هم أطاعوك لذلك)، قال ابن دقيق العيد (٤): يحتمل وجهين:

(أحدهما): أن يكون المراد [إقرارهم] (٥) إن هم أطاعوك بوجوبها عليهم والتزامهم بها.


(١) قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص ٧٢): "والحق ما ذهب إليه الأولون وبه قال الجمهورُ ولا خلافَ في أنهم مخاطبون بأمر الإيمان لأنه مبعوث إلى الكافة، وبالمعاملات أيضًا، والمرادُ بكونهم مخاطبين بفروع العبادات أنهم مؤاخذون بها في الآخرة مع عدم حصولِ الشرط الشرعيِّ وهو الإيمانُ" اهـ.
(٢) وتمام كلام الحافظ في "الفتح" (٣/ ٣٥٩): " … ، ولا يلزم من عدم الإتيان بالصلاة إسقاط الزكاة. وقيل: الحكمة في ترتيب الزكاة على الصلاة أن الذي يقر بالتوحيد، ويجحد الصلاة يكفر بذلك فيصير ماله فيئًا فلا تنفعه الزكاة. وأما قول الخطابي إن ذكر الصدقة أخر عن ذكر الصلاة لأنها إنما تجب على قوم دون قوم وأنها لا تكرر تكرار الصلاة فهو حسن، وتمامه أن يقال بدأ بالأهم فالأهم، وذلك من التلطف في الخطاب لأنه لو طالبهم بالجميع في أول مرة لم يأمن النفرة" اهـ.
(٣) في المخطوط (ب): (قدم).
(٤) في إحكام الأحكام (٢/ ١٨٤).
(٥) زيادة من المخطوط (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>