للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ (١): وفيه عن عائشة وعن سعيد بن المسيب (٢).

وحديث: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة"، مخصص لعموم حديث جابر المتقدم في أول الباب (٣).

ولحديث ابن عمر المذكور بعده (٤) لأنهما يشملان الخمسة الأوسق وما دونها.

وحديث أبي سعيد هذا خاص بقدر الخمسة الأوسق فلا تجب الزكاة فيما دونها. والى هذا ذهب الجمهور (٥).

وذهب ابن عباس وزيد بن علي والنخعي وأبو حنيفة (٦) إلى العمل بالعام، فقالوا: تجب الزكاة في القليل والكثير ولا يعتبر النصاب.

وأجابوا عن حديث الأوساق بأنه لا ينتهض لتخصيص حديث العموم لأنه مشهور وله حكم المعلوم، وهذا إنما يتم على مذهب الحنفية القائلين بأن دلالة العموم قطعية، وأن العمومات القطعية لا تخصص بالظنيات، ولكن ذلك لا يجزي فيما نحن بصدده، فإن العام والخاص ظنيان كلاهما، والخاص أرجح دلالة وإسنادًا، فيقدم على العام تقدم أو تأخر أو قارن على ما هو الحق من أنه يبنى العام على الخاص (٧) مطلقًا، وهكذا يجب البناء إذا جهل التاريخ.

وقد قيل: إن ذلك إجماع، والظاهر أن مقام النزاع من هذا القبيل.

وقد حكى ابن المنذر الإجماع (٨) على أن الزكاة لا تجب فيما دون خمسة أوسق مما أخرجت الأرض، إلا أن أبا حنيفة (٩) قال: تجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلا الحطب والقضب والحشيش والشجر الذي ليس له ثمر انتهى.


(١) في "التلخيص" (٢/ ٣٢٧).
(٢) في السنن الكبرى (٤/ ١٢١).
(٣) تقدم برقم (١٥٤٩) من كتابنا هذا.
(٤) تقدم برقم (١٥٥٠) من كتابنا هذا.
(٥) المغني (٤/ ١٦١).
(٦) البناية في شرح الهداية (٣/ ٤٩١).
(٧) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٥٣٦) بتحقيقي وقد تقدم مرارًا.
(٨) حكاه ابن قدامة في المغني (٤/ ١٦٢) عنه.
(٩) البناية في شرح الهداية (٣/ ٤٩٩ - ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>