للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحجرينِ وألقى الروثَةَ". قال الطحاويُّ (١): "هوَ دليلٌ على أن عددَ الأحجارِ ليسَ بشرطِ لأنه قعدَ للغائِطِ في مكانٍ ليسَ فيهِ أحجارٌ لقولِهِ: ناوِلني، فلما ألقَى الروثةَ دلَّ على أن الاستنجاءَ بالحجرينِ يُجزئُ، إذْ لو لم يكنْ ذلكَ لقال: ابغني ثالثًا. ورَدَّهُ الحافظ (٢) وقالَ: قَدْ روى أحمدُ (٣) فيهِ هذِه الزيادةَ بإسنادٍ رجالَهُ ثقاتٌ، قالَ في آخرهِ: "فألقى الروثةَ. وقالَ: إنها رِكْسٌ ائتني بحجرٍ". قالَ: معَ أنهُ ليسَ فيما ذكرَ استدلالٌ لأنه مجرَّدُ احتمالٍ. وحديثُ سلمان (٤) نصٌّ في عدمِ الاقتصارِ على ما دونَها، ثم حديثُ سلمانَ قولٌ، وحديثُ ابن مسعودٍ فعل وإذَا تعارضَا قُدِّمَ القولُ" انتهى.

وأَيضًا في سائرِ الأحاديثِ الناصَّةِ على وجوبِ الثلاثِ زيادةٌ يجبُ المصيرُ إليها معَ عدمِ منافاتِها بالاتفاقِ، ولم تَقَع هُنَا منافيةَ فالأخذُ بها متحتمٌ، وقدْ تقدمَ الكلامُ على الحديثينِ في مواضِعَ من هذا الكتاب فلا نعيدُه.

قالَ المصنفُ (٥) : "ولولا أَنهُ أَرَادَ الحجرَ وما كانَ نحوهُ في الإنقاءِ لم يكنْ لاستثناءِ العظمِ والرَّوْثِ معنى، ولا حَسُنَ تعليل النهي عنهما بكونِهما من طعامِ الجِنِّ؛ وقد صح عنه التعليلَ بذلك" (٦) اهـ.

وهذا الكلام هو وجه ترجمة الباب بتلك الترجمة وهو حسن.


(١) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٢٢).
(٢) في "الفتح" (١/ ٢٥٧).
(٣) في المسند (٦/ ١٤٦) من طريق معمر، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود ، أن النبي ذهب لحاجته فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فجاءه بحجرين وروثة، فألقى الروثة، وقال: إنها ركس، ائتني بحجر".
قال الحافظ في "الفتح" (١/ ٢٥٧): "ورجاله ثقات أثبات … وقد قيل إن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة، لكن أثبت سماعه لهذا الحديث منه الكرابيسي، … ".
قلت: لكن قال ابن المديني: لم يلق أبو إسحاق علقمة. كما في جامع التحصيل ص ٣٠٠.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة: لم يسمع أبو إسحاق من علقمة حرفًا. كما في "المراسيل" ص ١٤٥.
والخلاصة أن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة. والزيادة المذكورة في طريقه غير صحيحه والله أعلم.
(٤) وهو حديث صحيح. تقدم تخريجه رقم (٣٤/ ١٠٨) من كتابنا هذا.
(٥) أي ابن تيمية الجد في كتابه "المنتقى" (١/ ٥٨).
(٦) انظر الحديث رقم (٣٧/ ١١١) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>