للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فلا يرفث) (١) بضم الفاء وكسرها، ويجوز في ماضيه التثليث، والمراد به هنا الكلام الفاحش، وهو لهذا المعنى بفتح الراء والفاء، وقد يطلق على الجماع وعلى مقدماته، وعلى ذكر ذلك مع النساء أو مطلقًا.

قال في الفتح (٢): ويحتمل أن يكون النهي لما هو أعم منها.

وفي رواية (٣): "ولا يجهل" أي لا يفعل شيئًا من أفعال الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك.

قوله: (ولا يصخب) الصخب (٤): هو الرجة واضطراب الأصوات للخصام.

قال القرطبي (٥): لا يفهم من هذا أن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم.

قوله: (أو قاتله) يمكن حمله على ظاهره، ويمكن أن يراد بالقتل اللعن، فيرجع إلى معنى الشتم، ولا يمكن حمل قاتله وشاتمه على المفاعلة (٦)؛ لأن الصائم مأمور بأن يكف نفسه عن ذلك فكيف يقع ذلك.

وإنما المعنى إذا جاء متعرضًا لمقاتلته أو مشاتمته كأن يبدأه بقتل أو شتم اقتضت العادة أن يكافئه عليها.


= قلت: وأخرجه ابن خزيمة رقم (١٩٩٥) والبغوي في شرح السنة رقم (١٧٤٦) والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٢٧٠). وهو حديث صحيح.
(١) النهاية (٢/ ٢٤١).
(٢) في الفتح (٤/ ١٠٤).
(٣) عند البخاري رقم (١٨٩٤).
(٤) النهاية (٣/ ١٤).
(٥) في "المفهم" (٣/ ٢١٤).
(٦) قال الحافظ في "الفتح" (٤/ ١٠٤ - ١٠٥): "وقد استشكل ظاهره بأنَّ المفاعلة تقتضي وقوع الفعل من الجانبين، والصائم لا تصدر منه الأفعال التي رتب عليها الجواب خصوصًا المقاتلة، والجواب عن ذلك أن المراد بالمفاعلة التهيؤ لها، أي إن تهيأ أحد لمقاتلته أو مشاتمته فليقل إني صائم، فإنه إذا قال ذلك أمكن أن يكف عنه، فإن أصر دفعه بالأخف فالأخف كالصائل.
هذا فيمن يروم مقاتلته حقيقة، فإن كان المراد بقوله: "قاتله" شاتمه لأن القتل يطلق على اللعن، واللعن من جملة السب - ويؤيد ما ذكرت من الألفاظ المختلفة فإن حاصلها يرجع إلى الشتم - فالمراد من الحديث أنه لا يعامله بمثل عمله بل يقتصر على قوله: "إني صائم" … " اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>