للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد استدلّ بأحاديث الباب على استحباب صوم ستة أيام من شوّال، وإليه ذهب الشافعي (١) وأحمد (٢) وداود وغيرهم، وبه قالت العترة.

وقال أبو حنيفة (٣) ومالك (٤): يكره صومها.

واستدلَّا على ذلك بأنه ربما ظن وجوبها وهو باطل لا يليق بعاقل فضلًا عن عالم نصب مثله في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة، وأيضًا يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها ولا قائل به.

واستدلّ مالك على الكراهة بما قال في الموطأ (٥) من أنه ما رأى أحدًا من أهل العلم يصومها، ولا يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسنة لم يكن تركهم دليلًا تردّ به السنة.

قال النووي في شرح مسلم (٦): قال أصحابنا: والأفضل أن تصام الستّ متوالية عقب يوم الفطر، قال: فإن فرَّقها أو أخَّرها عن أوائل شوّال إلى آخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستًا من شوّال.

قال (٧): قال العلماء: وإنما كان ذلك كصيام الدهر لأن الحسنة بعشر


(١) المجموع شرح المهذب (٦/ ٤٢٦).
(٢) المغني (٤/ ٤٣٨).
(٣) بدائع الصنائع (٢/ ٧٨).
(٤) التسهيل (٣/ ٨٠١).
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (١٠/ ٢٥٩ رقم ١٤٧٨٢، ١٤٧٨٣): "قال أبو عمر: لم يبلغ مالكًا حديث أبي أيوب على أنه حديث مدني، والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه، والذي كرهه له مالك أمرٌ قد بينه وأوضحه، وذلك خشية أن يُضاف إلى فرض رمضان وأن يستبين ذلك إلى العامة. وكان متحفظًا كثير الاحتياط للدين.
وأما صيام الستة الأيام من شوال على طلب الفضل وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان ، فإن مالكًا لا يكره ذلك إن شاء الله؛ لأن الصوم جُنَّة وفضله معلوم لمن ردّ طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى، وهو عملُ بر وخير. وقد قال الله ﷿: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ … ﴾ [الحج: ٧٧]، ومالك لا يجهل شيئًا من هذا، ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك، وخشي أن يعدوه من فرائض الصيام مضافًا إلى رمضان … " اهـ.
(٥) (١/ ٣١١).
(٦) (٨/ ٥٦).
(٧) أي النووي في شرحه لصحيح مسلم (٨/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>