للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فصامه وأمر بصيامه)، قد استشكل رجوعه إلى اليهود في ذلك.

وأجاب المازري (١) باحتمال أن يكون أوحي إليه بصدقهم أو تواتر عنده الخبر بذلك.

[زاد عياض] (٢) أو خبَّره به من أسلم منهم كابن سلام، ثم قال: ليس في الخبر أنه إبتداء الأمر بصيامه، بل في حديث عائشة (٣) التصريح بأنه كان يصومه قبل ذلك.

فغاية ما في القصة أنه لم يحدث له بقول اليهود تجديد حكم، ولا مخالفة بينه وبين حديث عائشة أن أهل الجاهلية كانوا يصومون كما تقدم.

إذ لا مانع من توارد الفريقين على صيامه مع اختلاف السبب في ذلك.

قال القرطبي (٤): وعلى كل حال فلم يَصُمه اقتداء بهم، فإنه كان يصومه قبل ذلك، وكان ذلك في الوقت الذي يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه.

قوله: (ولم يكتب عليكم صيامه إلخ) هذا كله من كلام النبي كما بيَّنه النسائي، واستدلّ به على أنه لم يكن فرضًا قط كما قال المصنف (٥).

قال الحافظ (٦): ولا دلالة فيه لاحتمال أن يريد: ولم يكتب عليكم صيامه على الدوام كصيام رمضان، وغايته أنه عام خص بالأدلة الدالة على تقدم وجوبه.

ويؤيد ذلك أن معاوية إنما صحب النبي من سنة الفتح، والذين شهدوا أمره بصيام عاشوراء والنداء بذلك شهدوه في السنة الأولى أول العام الثاني.

ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبًا لثبوت الأمر بصومه، ثم تأكيد الأمر بذلك، ثم زيادة التأكيد بالنداء العام، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك، ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن فيه الأطفال.


(١) في المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٣٨).
(٢) شطب عليها في المخطوط (أ).
(٣) تقدم برقم (١٧١٤) من كتابنا هذا.
(٤) في "المفهم" (٣/ ١٩٢).
(٥) ابن تيمية الجد في المنتقى عقب الحديث (١٧٢٠) من كتابنا هذا.
(٦) في "الفتح" (٤/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>