للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للصائمِ أوَّلَ النهارِ وآخِرَهُ. واختارَهُ جماعة من أصحابهِ منهم: أبو شامةَ (١) وابنُ عبدِ السلامِ والنووي (٢) والمزنيُّ.

قالَ ابنُ عبدِ السلامِ في قواعدِهِ الكُبرى (٣): "وقد فضَّل الشافعيُّ تحمُّلَ الصائمِ مشقةَ رائحةِ الخلُوفِ على إزالتهِ بالسواكِ مستدِلًا بأن ثوابَهُ أطيبُ من ريحِ المسكِ، ولا يُوافَقُ الشافعيُّ [في] (٤) ذلكَ إذ لا يلزمُ من ذكرِ ثوابِ العملِ أَنْ يكونَ أفضلَ من غيرهِ، لأنه لا يلزمُ من ذكرِ الفضيلةِ حصولُ الرُّجْحَانِ بالأفضليةِ، ألا ترى أن الوترَ عندَ الشافعيِّ في قولهِ الجديدِ أفضلُ من رَكعتي الفجرِ معَ قولهِ : "رَكْعَتَا الفجْرِ خيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فيها (٥) "وكم من عبادةٍ قد أثنى الشارعُ عليها وذكرَ فضيلتَها، وغيرُهَا أَفضلُ منها، وهذا من بابِ تزاحُم المصلحتينِ اللتينِ لا يمكنُ الجمعُ بينهما، فإنَّ السواكَ نوعٌ من التطهرِ المشروعِ لأَجلِ الربِّ سبحانَه، لأن مخاطبةَ العُظماءِ مع طهارةِ الأفواهِ تعظيمٌ لا شك فيهِ، ولأجلِه شُرعَ السواكُ، وليسَ في الخلوفِ تعظيمٌ ولا إجلالٌ فكيفَ يُقالُ: إنَّ فضيلةَ الخلوفِ تربُو على تعظيمِ ذي الجلالِ بتطييبِ الأفواهِ؟! إلى أنْ قالَ: والذي ذكرَهُ الشافعيُّ تخصيصٌ للعامٌ (٦) بمجرَّدِ الاستدلالِ المذكورِ المعارَضِ بما ذَكَرْنَا".

قال الحافِظُ في التلخيصِ (٧): "استدلالُ أصحابِنَا بحديثِ خلوف فمِ الصائمِ على كراهةِ الاستياكِ بعدَ الزوالِ لمن يكونُ صائمًا فيه نَظَرٌ؛ لكنْ في روايةِ


(١) وهو أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي المعروف بأبي شامة (٥٩٩ هـ - ٦٦٥ هـ) انظر: "شذرات الذهب (٥/ ٣١٨ - ٣١٩) وفوات الوفيات (١/ ٥٢٧ - ٥٢٩) والنجوم الزاهرة (٧/ ٢٢٤) والأعلام (٣/ ٢٩٩).
وانظر: "السواك وأشبه ذاك (ص ٧٥). وفي (جـ): (أبو أسامة) وهو خطأ.
(٢) "المجموع" (١/ ٣٣٠).
(٣) المسمى: "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (١/ ٣٩).
(٤) في (جـ): (على).
(٥) أخرجه البخاري (٣/ ٤٥ رقم ١١٦٩) ومسلم (١/ ٥٠١ رقم ٩٦/ ٧٢٥) وأبو داود (٢/ ٤٤ رقم ١٢٥٤) والترمذي (٢/ ٢٧٥ رقم ٤١٦) والنسائي (٣/ ٢٥٢ رقم ١٧٥٩) واللفظ لمسلم والنسائي والترمذي.
(٦) في حاشية المخطوط ما نصه: "يعني حديث: لولا أن أشق على أمتي .. ".
(٧) (١/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>