للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث الثاني صححه الترمذي (١) كما ذكر المصنف.

وفيه دليل على إمكان معرفة ليلة القدر وبقائها، وسيأتي الكلام على ذلك.

قوله: (ليلة القدر) اختلف في المراد بالقدر الذي أضيفت إليه الليلة، فقيل: هو التعظيم، لقوله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ (٢)، والمعنى أنها ذات قدر لنزول القرآن فيها، أولما يقع فيها من نزول الملائكة، أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر.

وقيل القدر هنا: التضييق، لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ (٣)، ومعنى التضييق فيها إخفاؤها عن العلم بتعيينها.

وقيل: القدر هنا بمعنى القدر بفتح الدال: الذي هو مؤاخي القضاء.

والمعنى أنه يقدر فيها أحكام تلك السنة لقوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)(٤)، وبه صدر النووي (٥) كلامه فقال: قال العلماء: سميت ليلة القدر لما يكتب فيها الملائكة من الأقدار لقوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ﴾ (٦) الآية.

ورواه عبد الرزاق (٧) وغيره من المفسرين بأسانيد صحيحة عن مجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم.

وقال التوربشتي (٨): إنما جاء القدر بسكون الدال، وإن كان الشائع في القدر الذي يؤاخي القضاء فتح الدال ليعلم أنه لم يرد به ذلك وإنما أريد به تفصيل ما جرى به القضاء وإظهاره وتحديده في تلك السنة لتحصيل ما يلقى إليهم فيها مقدارًا بمقدار.

قوله: (إنك عفو) بفتح العين وضم الفاء وتشديد الواو، صيغة مبالغة، وفيه دليل على استحباب الدعاء في هذه الليلة بهذه الكلمات.


(١) في سننه (٥/ ٥٣٤).
(٢) سورة الأنعام: الآية (٩١).
(٣) سورة الطلاق: الآية (٧).
(٤) سورة الدخان: الآية (٤).
(٥) في شرحه لصحيح مسلم (٨/ ٥٧).
(٦) سورة الدخان: الآية (٤).
(٧) في تفسير القرآن العزيز. المسمى: تفسير عبد الرزاق (٢/ ٣١٤) رقم (٣٦٦٦) و (٣٦٦٧).
(٨) حكاه الحافظ في "الفتح" (٤/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>