للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للاحتجاج به على أنها مختصة بتلك السنة وبذلك الركب، وغاية ما فيه أنه قول صاحبي فيما هو مسرح للاجتهاد فلا يكون حجة على أحد على فرض أنه لم يعارضه غيره، فكيف إذا عارضه رأي غيره من الصحابة: كابن عباس فإنه أخرج عنه مسلم (١) أنه كان يقول: "لا يطوف بالبيت حاجّ إلا حَلَّ".

وأخرج عنه عبد الرزاق (٢) أنه قال: "مَنْ جاءَ مُهِلًّا بالحجِّ فإنَّ الطوافَ بالبيتِ يُصَيِّرُه إلى عُمْرة شاءَ أم أَبَى، فقيل له: إنَّ الناسَ يُنْكِرونَ ذلِكَ عليكَ، فقال: هي سُنَّةُ نَبِيِّهِمْ وإنْ رَغِمُوا (٣)، وكأبي موسى فإنه كان يفتي بجواز الفسخ في خلافة عمر كما في صحيح البخاري (٤)، على أن قول أبي ذر معارض بصريح السنة كما تقدم في جوابه لسراقة بقوله: للأبد لما سأله عن متعتهم تلك بخصوصها مشيرًا إليها بقوله: "مُتعتنا هذه"، فليس في المقام متمسك بيد المانعين يعتد به ويصلح لنصبه في مقابلة هذه السنة المتواترة.

وأما حديث الحارث بن بلال عن أبيه فسيأتي (٥) أنه غير صالح للتمسك به على فرض انفراده، فكيف إذا وقع معارضًا لأحاديث أربعة عشر صحابيًا كلها صحيحة، وقد أبعد من قال: إنها منسوخة لأن دعوى النسخ [تحتاج] (٦) إلى نصوص صحيحة متأخرة عن هذه النصوص، وأما مجرد الدعوى فأمر لا يعجز عنه أحد.

وأما ما رواه البزار (٧) عن عمر أنه قال: "إن رسول الله أحل لنا المتعة ثم حرمها علينا"، فقال ابن القيم (٨): إن هذا الحديث لا سند [له] (٩) ولا متن. أما سندُه فمما لا تقومُ به حُجة عند أهلِ الحديث. وأما متنه، فإن المراد بالمتعة فيه مُتعة النساء.


(١) في صحيحه رقم (٢٠٨/ ١٢٤٥).
(٢) كما في زاد المعاد (٢/ ١٧٣ - ١٧٤) بسند صحيح.
(٣) تنبيه: حرفت هذه الكلمة إلى [زعموا] في كل طبعات نيل الأوطار.
وما أثبتناه موافقًا للمخطوط (أ)، (ب) ولرواية عبد الرزاق.
(٤) رقم (١٧٩٥).
(٥) برقم (٦٧/ ١٨٧٧) من كتابنا هذا. -
(٦) في المخطوط (ب): (محتاج).
(٧) كما في "زاد المعاد" (٢/ ١٧٥).
(٨) في كتابه: "زاد المعاد" (٢/ ١٧٥).
(٩) زيادة من المخطوط (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>