للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن الشافعيِّ أن مذهبَهُ كمذهبِ أبي حنيفةَ في حلقِ الشاربِ، قال الطحاوِيُّ: ولم أجِدْ عن الشافعيِّ شيئًا منصوصًا في هذا، وأصحابهُ الذينَ رأيناهُم المزَنيُّ والربيعُ كانا يُحفيانِ شواربَهُما. ويدلُّ ذلكَ أنهما أخذَاهُ عن الشافعيِّ.

وروى الأثرَمُ (١) عن الإِمامِ أحمدَ أنه كانَ يُحفي شاربَهُ إحفاءً شديدًا، وسمعتُه يسألُ عن السنةِ في إحفاءِ الشارب فقالُ: يُحفي.

وقالَ حَنْبَلٌ (٢): قيل لأبي عبدِ اللَّهِ ترى للرجُلِ يأخذُ شاربهُ ويُحفيهِ أمْ كيفَ يأخُذه؟ قالَ: إن أحْفَا فلا بأسَ وإنْ أخذَهُ قصًّا فلا بأسَ. وقالَ أبو محمدٍ (٣) في المغني: هو مخيرٌ بينَ أنْ يُحْفِيَهُ وبينَ أنْ يقُصَّهُ.

وقد روى النوويُّ في شرحِ مسلمٍ (٤) عن بعضِ العلماءِ أنه ذهبَ إلى التخييرِ بينَ الأمرينِ، الإِحفاءِ وعدمِه.

وروى الطحاوي (٥) الإحفاءَ عن جماعةِ من الصحابةِ: أبي سعيدِ، وأبي أُسيدٍ، ورافعِ بن خُديجٍ، وسهلِ بن سعدٍ، وعبدِ اللَّهِ بن عمرَ، وجابرٍ، وأبي هريرة.

قالَ ابنُ القيم (٦): "واحتجَّ من لم يرَ إحفاءَ الشاربِ بحديثِ عائشةَ وأبي هريرةَ المرفوعينِ: "عَشْرٌ مِنَ الفِطرةِ" (٧) فذكرَ منها قصَّ الشارب. وفي حديثِ أبي هريرةَ: "إنَّ الفِطرةَ خمسٌ" (٨) وذكرَ منها قصِّ الشاربِ. واحتجَّ المحفُونَ بأحاديثِ الأمرِ بالإحفاءِ، وهي صحيحة. وبحديثِ ابن عباسٍ (٩): أن رسولَ اللَّهِ كانَ يُحفي شارِبهُ" انتهى.


(١) ذكره ابن عبد البر في "الاستذكار" (٢٧/ ٦٠ رقم ٤٠٢٠٧).
(٢) ذكره ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ١٨٠).
(٣) هو موفق الدين، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. صاحب "المغني (٥٤١ هـ - ٢٦٠ هـ).
(٤) (٣/ ١٥١).
(٥) في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٢٣١).
(٦) في "زاد المعاد" (١/ ١٨٠ - ١٨١).
(٧) حديث عائشة حسن تقدم تخريجه برقم (١٣/ ١٣٠) من كتابنا هذا.
(٨) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه رقم (١١/ ١٢٨) من كتابنا هذا.
(٩) أخرجه الترمذي (٥/ ٩٣ رقم ٢٧٦٠) وقال: هذا حديث حسن غريب. =

<<  <  ج: ص:  >  >>