للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن أفضلية المسجد لأفضلية الحل الذي هو فيه.

ومن جملة ما استدلوا به حديث: "اللهم إنهم أخرجوني من أحب البلاد إليَّ فأسكني في أحب البلاد إليك"، أخرجه الحاكم في المستدرك (١).

ويجاب بأن النزاع في الأفضل لا فيما هو أحب، والمحبة لا تستلزم الأفضلية، والاستنباط لا يقاوم النص.

واعلم أن الاشتغال ببيان الفاضل من هذين الموضعين الشريفين كالاشتغال ببيان الأفضل من القرآن والنبي والكل من فضول الكلام [التي لا تتعلق] (٢) به فائدة غير الجدال والخصام.

وقد أفضى النزاع في ذلك وأشباهه إلى فتن وتلفيق حجج واهية كاستدلال المهلب (٣) على أفضلية المدينة بأنها هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الإسلام فصار الجميع في صحائف أهلها وبأنها تنفي الخبث كما ثبت في الحديث الصحيح (٤).

وأجيب عن الأول بأن أهل المدينة الذين فتحوا مكة معظمهم من أهل مكة، فالفضل ثابت للفريقين ولا يلزم من ذلك تفضيل [إحدى] (٥) البقعتين.

وعن الثاني بأن ذلك إنما هو في خاص من الناس ومن الزمان بدليل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ﴾ (٦)، والمنافق خبيث بلا شك، وقد خرج من المدينة بعد النبي معاذ وأبو عبيدة وابن مسعود وطائفة،


= • وعائشة: عند أحمد في المسند (٢/ ٢٧٧ - ٢٧٨).
• وميمونة: عند أحمد في المسند (٦/ ٣٣٣).
(١) في المستدرك (٣/ ٣) وقال: "رواته مدنيون من بيت أبي سعيد المقبري"، وتعقبه الذهبي بقوله: "لكنه موضوع، فقد ثبت أن أحب البلاد إلى الله مكة. وسعد ليس بثقة" اهـ.
(٢) في المخطوط (ب): (الذي لا يتعلق).
(٣) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٤/ ٨٨).
(٤) أخرجه أحمد (٣/ ٢٩٢)، والبخاري رقم (٧٢١١) ومسلم رقم (١٣٨٣). من حديث جابر.
(٥) في المخطوط (أ)، (ب): (أحد) والصواب ما أثبتناه.
(٦) سورة التوبة: الآية (١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>