قلت: يُجيب عن تعارض حديث ابن عمر مع حديث أنس العلماء الأجلاء: ١ - قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١٠/ ٣٥٤): "وحاصله أن من جزم أنه خضب كما في ظاهر حديث أم سلمة - الذي أخرجه البخاري رقم (٥٨٩٧) - وكما في حديث ابن عمر الماضي قريبًا أنه ﷺ خضب بالصفرة حكى ما شاهده، وكان ذلك في بعض الأحيان، ومن نفى ذلك كأنس فهو محمول على الأكثر الأغلب من حاله" اهـ. ٢ - قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٥/ ٩٥): "والمختار أنه ﷺ صبغ في وقت، وتركه في معظم الأوقات، فأخبر كل بما رأى، وهو صادق، وهذا التأويل كالمتعين فحديث ابن عمر في الصحيحين، ولا يمكن تركه، ولا تأويل له. والله أعلم. وأما اختلاف الرواية في قدر شيبه، فالجمع بينهما أنه رأى شيئًا يسيرًا. فمن أثبت شيبه أخبر عن ذلك اليسير، ومن نفاه أراد أنه لم يكثر فيه، كما قال في الرواية الأخرى: "لم يشتد الشيب" أي لم يكثر، ولم يخرج شعره عن سواده، وحسنه كما قال في الرواية الأخرى: "لم ير من الشيب إلا قليلًا" اهـ. ٣ - قال ابن كثير في "الشمائل" ص ٢٨: "قلت: ونَفْي أنس للخِضاب مُعارَض، بما تقدم عن غيره من إثباته، والقاعدة المقرَّرة أن الإثبات مقدَّم على النفي؛ لأن المثبت معه زيادة عِلم ليست عند النافي" اهـ. وانظر ما قاله ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد" (٤/ ٣٦٧). (١) في السنن (٤/ ٤٢٧ رقم ٤٢٢٢). (٢) في السنن (٨/ ١٤١). قلت: وأخرجه أحمد (١/ ٣٨٠، ٣٩٧، ٤٣٩) والحاكم (٤/ ١٩٥) والبيهقي (٧/ ٢٣٢) و (٩/ ٣٥٠) وابن حبان في صحيحه رقم (٥٦٨٢) و (٥٦٨٣). قال أبو داود: انفرد بإسناد هذا الحديث أهل البصرة، والله أعلم. قلت: وفي سنده/ عبد الرحمن بن حرملة/ قال البخاري (٥/ ٢٧٠): لم يصح حديثه. وخلاصة القول أن حديث ابن مسعود حديث منكر. (٣) ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٤/ ٨٠).