للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الترمذي (١): قال سفيان الثوري: والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم من أصحاب النبي وغيرهم أن من لم يقف بعرفات قبل الفجر فقد فاته الحج، ولا يجزئ عنه إن جاء بعد طلوع الفجر ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل، وهو قول أحمد (٢) والشافعي (٣) وغيرهما (٤).

قوله: (من جاء ليلة جمع) أي: ليلة المبيت بالمزدلفة، وظاهره أنه يكفي الوقوف في جزء من أرض عرفة ولو في لحظةٍ لطيفةٍ في هذا الوقت، وبه قال الجمهور (٥): وحكى النووي (٦) قولًا أنه لا يكفي الوقوف ليلًا، ومن اقتصر عليه فقد فاته الحج، والأحاديث الصحيحة ترده.

قوله: (أيام منى) مرفوع على الابتداء وخبره قوله: ثلاثة أيام وهي الأيام المعدودات وأيام التشريق وأيام رمي الجمار وهي الثلاثة التي بعد يوم النحر، وليس يوم النحر منها لإجماع الناس على أنه لا يجوز النفر يوم ثاني النحر ولو كان يوم النحر من الثلاث لجاز أن ينفر من شاء في ثانيه.

قوله: (فمن تعجل في يومين)، أي: من أيام التشريق، فنفر في اليوم الثاني منها فلا إثم عليه في تعجيله، ومن تأخر عن النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق إلى اليوم الثالث فلا إثم عليه في تأخيره.

وقيل: المعنى: ومن تأخر عن الثالث إلى الرابع ولم ينفر مع العامة فلا إثم عليه، والتخيير [ههنا وقع] (٧) بين الفاضل والأفضل؛ لأن المتأخر أفضل.

فإن قيل: إنما يخاف الإثم المتعجل فما بال المتأخر الذي أتى بالأفضل ألحق به؟ فالجواب أن المراد من عمل بالرخصة وتعجَّل فلا إثم عليه في العمل بالرخصة، ومن ترك الرخصة وتأخر فلا إثم عليه في ترك الرخصة.


(١) في السنن (٣/ ٢٣٨).
(٢) المغني (٥/ ٢٦٧).
(٣) المجموع (٨/ ١٢٩).
(٤) انظر: البناية في شرح الهداية، للعيني (٤/ ٩٥).
(٥) المجموع (٨/ ١٤١).
(٦) في المجموع (٨/ ١٢٨) واعتبره النووي وجهًا شاذًّا ضعيفًا.
(٧) في المخطوط (ب): (وقع هاهنا).

<<  <  ج: ص:  >  >>