للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون احمرّ بعده لما خالطه من طيب فيه صفرة. وأيضًا كثير من الشعور التي تنفصل عن الجسد إذا طال العهد يؤول سوادها إلى الحمرة، كذا قال الحافظ (١).

وأَيضًا هذا الحديث معارض لحديث أنس المتقدم، وقد سبق البحث عن ذلك، وقال الطبري في الجمع بين الحديثين (٢): من جزم بأنه خضب فقد حكى ما شاهد، وكان ذلك في بعض الأحيان، ومن نفى ذلك فهو محمول على الأكثر الأغلب من حاله .

والحديث الثاني في إسناده عبد العزيز بن أبي رواد (٣)، وفيه مقال معروف وهو في صحيح البخاري (٤) بأطول من هذا، ذكره في أبواب الوضوء، ولكنه لم يقل يصفر لحيته بل قال: "وأَما الصفرة فإني رأيت رسول الله يصبغ بها فأنا أحب أن أَصبغ بها". الحديث. وأخرجه أيضًا مسلم (٥).

قوله: (السِّبتية) بكسر السين "جُلُودُ البَقَرِ، وكُلُّ جِلْدٍ مَدْبُوغٍ، أو بالقَرَظِ" ذكره في القاموس (٦)، وإنما قيل لها سبتية أخذًا من السبت، وهو الحلق، لأن شعرها قد حلق عنها وأزيل.

قوله: (ويصفر لحيته) قال الماوردي: لم ينقل عنه أَنه صبغ شعره، ولعله لم يقف على هذا الحديث وهو مبيِّن للصبغ المطلق في الصحيحين (٧)، وكذا قال ابن عبد البر (٨): "لم يكن رسول الله يصبغ بالصفرة إلا ثيابه"، وردَّه ابن قدامة في المغني (٩).


(١) في "فتح الباري" (١٠/ ٣٥٤).
(٢) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٣٥٤).
(٣) قال عنه الحافظ في "التقريب" رقم (٤١٦٠): "صدوقٌ يُخطئ، وكان مرجئًا، أفرط ابنُ حبان، فقال: متروك" اهـ.
(٤) رقم (١٦٦).
(٥) في صحيحه رقم (١١٨٧) وقد تقدم تخريجه.
(٦) القاموس المحيط ص ١٩٥.
(٧) تقدم تخريجه.
(٨) كما في "فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر" (٣/ ١٦٨).
(٩) (١/ ١٢٦) قائلًا: "والنبي قد أمرَ بالخِضابِ فمن لم يكُن على ما كان عليه رسولُ الله فليس هو من الدين في شيءٍ" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>