للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن مالك والجويني والقاضي عياض (١) كما سيأتي.

احتج القائلون بأنها مندوبة بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾ (٢) الآية.

ووجه الاستدلال بها أنه حي في قبره بعد موته كما في حديث: "الأنبياء أحياء في قبورهم" (٣)


= (منها): أنه ليس في الأرض قبر نبي معلوم بالتواتر والإجماع إلا قبر نبينا وما سواه ففيه نزاع.
(ومنها): أن الذين استحبوا السفر إلى زيارة قبر نبينا مرادهم السفر إلى مسجده. وهذا مشروع بالإجماع، ولو قصد المسافر إليه فهو إنما يصل إلى المسجد، والمسجد منتهى سفره؛ لا يصل إلى القبر؛ بخلاف غيره فإنه يصل إلى القبر؛ إلا أن يكون متوغلًا في الجهل والضلال. فيظن أن مسجده إنما شرع السفر إليه لأجل القبر، وأنَّه لذلك كانت الصلاة فيه بألف صلاة، وأنَّه لولا القبر لم يكن له فضيلة على غيره، أو يظن أن المسجد بني أو جعل تبعًا للقبر، كما تبنى المساجد على قبر الأنبياء والصالحين، ويظن أن الصلاة في المسجد تبع، والمقصود هو القبر، كما يظن المسافرون إلى قبور الأنبياء والصالحين غير قبر نبينا.
وكما أن الذي يذهب إلى الجمعة يصلي إذا دخل تحية المسجد ركعتين، ولكن هو إنما جاء لأجل الجمعة، لا لأجل ركعتي التحية، فمن ظن هذا في مسجد نبينا فهو من أضل الناس وأجهلهم بدين الإسلام، وأجهلهم بأحوال الرسول وأصحابه، وسيرته، وأقواله وأفعاله، وهذا محتاج إلى أن يتعلم ما جهله من دين الإسلام حتى يدخل في الإسلام، ولا يأخذ بعض الإسلام ويترك بعضه، فإن مسجده أمس على التقوى من السنة الأولى من الهجرة، وهو أفضل مسجد على وجه الأرض إلا المسجد الحرام. وقيل: هو أفضل مطلقًا.
فهل يقول عاقل أن مساجد المسلمين - مساجد الجوامع التي يصلى فيها الجمعة وغيرها - فضيلتها واستحباب قصدها للصلاة فيها لأجل قبر عندها.
فإذا لم يجز أن يقال هذا في مثل هذه المساجد، فكيف يقال فيما هو خير منها كلها وأفضلها … " اهـ.
(١) قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٧/ ٢٣٣): "أن هذا قول أكثر المتقدمين: كمالك، وأكثر أصحابه، والجويني أبي محمد، وغيره من أصحاب الشافعي، وأكثر متقدمي أصحاب أحمد … " اهـ.
(٢) سورة النساء: الآية (٦٤).
(٣) وهو حديث حسن.
أخرجه أبو يعلى في المسند رقم (٣٤٢٥) والبزار في المسند رقم (٢٣٣٩ - كشف) =

<<  <  ج: ص:  >  >>