(٢) قال ابن قدامة في "المغني" (٦/ ٣٠٢ - ٣٠٣) "عسبُ الفحل، ضِرابُه، وبيعُه أخذُ عوضِه. وتسمَّى الأجرةُ عسْبَ الفحل مجازًا. وإجارةُ الفحلِ للضرابِ حرامٌ، والعقد فاسِدٌ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وحكي عن مالك جوازُه. قال ابن عقيل: ويحتملُ عندي الجوازُ؛ لأنَّهُ عقد على منافع الفحلِ ونزْوهِ، وهذه منفعة مقصودَةٌ، والماء تابع، والغالب حصولُه عَقِيبَ نزوهِ، فيكوَن كالعقدِ على الظِّئْرِ، ليحصل اللبنُ في بطنِ الصبيِّ. ولنا، ما روى ابن عمر أن النبي ﷺ نهى عن بيع عسب الفحل، رواه البخاري. وعن جابر قال: نهى رسولُ اللهِ ﷺ عن بيع ضراب الجمل. روَاه مسلم. ولأنَّهُ مما لا يَقْدِرُ على تسليمه، فأشبه إجارَةَ الآبق. ولأنَّ ذلك متعلق باختيار الفحل وشهوتهِ، ولأن المقصود هو الماءُ، وهو مما لا يجوز إفراده بالعقد، وهو مجهول. وإجارةُ الظِّئْر خُولف فيه الأصل لمصلحةِ بقاء الآدمي، فلا يقاسُ عليه ما ليس مثله. فعلى هذا إذا أعطى أجرةً لِعَسْب الفحل فهو حرام على الآخذ لما ذكرناه، ولا يحرم على المعطي؛ لأنه بذلَ ماله لتحصيل مباحٍ يحتاج إليه … وإن أعْطَى صاحِبَ الفحلِ هدية، أوَ أكرمَهُ من غير إجارةٍ، جاز. وبه قال الشافعي … " اهـ. وانظر: "البيان" للعمراني (٧/ ٢٩٠ - ٢٩١) و"المعرفة" للبيهقي (٨/ ١٤٦ - ١٤٩). (٣) يجوز استئجار الفحل للضراب مدة معلومة كيوم، أو عدد مرات، كمرتين أو ثلاث، لأنه عقد على منافع الفحل وهي معلومة، ويحمل حديث النهي عن عسب الفحل، على استئجار الفحل لينزو على الأنثى حتى تحمل، لأنها إجارة مجهولة، فقد لا تحمل الأنثى، وإذا تم استئجار الفحل على الوجه الجائز مدة معلومة أو مرات معدودة، وعرف حمل الأنثى بإعراضها عن الفحل قبل تمام المدة أو العدد، انفسخت الإجارة، ولزم من الأجرة بقدر المدة التي استوفيت" اهـ. [مدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ٤١٨ - ٤١٩)؛ والتهذيب في اختصار المدونة (٣/ ٣٦٤) والمنتقى للباجي (٥/ ٢٢)].