للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العصير ممن يتخذه خمرًا، وتحريم كل بيع أعان على معصية قياسًا على ذلك، وليس في حديثي الباب تعرض لتحريم بيع العنب ونحوه ممن يتخذه خمرًا، لأن المراد بلعن بائعها وآكل ثمنها بائع الخمر وآكل ثمن الخمر، وكذلك بقية الضمائر المذكورة هي للخمر ولو مجازًا كما في عاصرها ومعتصرها، فإنه يئول المعصور إلى الخمر، والذي يدلّ على مراد المصنف حديث بريدة الذي ذكرناه لترتيب الوعيد الشديد على من باع العنب إلى من يتخذه خمرًا (١).

ولكن قوله: "حبس"، وقوله: "أو ممن يعلم [أن] (٢) يتخذه خمرًا"، يدلان على اعتبار القصد والتعمد للبيع إلى من يتخذه خمرًا، ولا خلاف في التحريم مع ذلك.

وأما مع عدمه فذهب جماعة من أهل العلم إلى جوازه منهم الهادوية (٣) مع الكراهة ما لم يعلم أنه يتخذه لذلك، ولكن الظاهر أن البيع من اليهودي والنصراني لا يجوز لأنه مظنة لجعل العنب خمرًا.

ويؤيد المنع من البيع مع ظن استعمال المبيع في معصية ما أخرجه الترمذي (٤). وقال: غريب من حديث أبي أمامة أن رسول الله قال: "لا تبيعوا


(١) قال ابن قدامة في "المغني" (٦/ ٣١٧ - ٣١٨): "أنَّ بَيْعَ العصير لمن يعتقدُ أنه يتخذُه خمرًا محرَّم. وكرهه الشافعي، وذكر بعض أصحابه أن البائع إذا اعتقد أنه يعصرُها خمرًا، فهو مُحرَّم، وإنما يكره إذا شكَّ فيه.
وحكى ابن المنذر عن الحسن وعطاء والثوري؛ أنَّه لا بأسَ ببيع التمر ممن يتخذه مسكرًا. قال الثوري: بع الحلال ممن شئت، واحتج لهم بقول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، ولأن البيع تم بأركانه وشروطه.
ولنا قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢]، وهذا نهي يقتضي. التحريم، وروى عن النبي ، أنه لعن في الخمر عشرةً … اهـ.
وانظر: "الفروع (٤/ ٤٢) وبدائع الصنائع (٥/ ٢٣٣) والكافي (٢/ ٦٧٧) وحلية العلماء (٤/ ١١٩) ومغني المحتاج (٢/ ٣٧ - ٣٨).
(٢) كذا في المخطوط (أ) و (ب) وفي شعب الإيمان رقم (٥٦١٩): (أنه).
(٣) البحر الزخار (٣/ ٣٠٠).
(٤) في سننه رقم (٣١٩٥) وقال: هذا حديث غريب إنما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة.
والقاسم ثقة، وعلي بن يزيد يُضعف في الحديث قاله محمد بن إسماعيل. وأخرجه أيضًا الترمذي رقم (١٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>