للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علينا رسول الله من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه".

وقد قال صاحب الفتح (١): إنه لا يعتبر الإيواء إلى الرحال، لأن الأمر به خرج مخرج الغالب، ولا يخفى أن هذه دعوى تحتاج إلى برهان لأنها مخالفة لما هو الظاهر، ولا عذر لمن قال: أنه يحمل المطلق على المقيد من المصير إلى ما دلت عليه هذه الروايات.

قوله: (جزافًا) (٢) بتثليث الجيم والكسر أفصح من غيره: وهو ما لم يعلم قدره على التفصيل.

قال ابن قدامة (٣): يجوز بيع الصبرة جزافًا لا نعلم فيه خلافًا إذا جهل البائع والمشتري قدرها.

قوله: (ولا أحسب كل شيء إلا مثله)، استعمل ابن عباس القياس، ولعله لم يبلغه النص المقتضي لكون سائر الأشياء كالطعام كما سلف.

قوله: (حتى يكتاله) قيل: المراد بالاكتيال القبض والاستيفاء كما في سائر الروايات، ولكنه لما كان الأغلب في الطعام ذلك صرح بلفظ الكيل وهو خلاف الظاهر كما عرفت.

والظاهر أن من اشترى شيئًا مكايلة أو موازنة فلا يكون قبضه إلا بالكيل أو الوزن، فإن قبضه جزافًا كان فاسدًا، وبهذا قال الجمهور كما حكاه الحافظ عنهم في الفتح (٤)، ويدل عليه حديث اختلاف الصاعين.


(١) الحافظ ابن حجر في (الفتح" (٤/ ٣٥٠).
(٢) الجزاف - مثلث الجيم والكسر أفصح - هو: بيع الشيء بلا كيل ولا وزن ولا عدد بل التقدير والحزر، كالحب مكوَّمًا على الأرض، أو في أكياس، وكالزيت في الصهريج أو في الوعاء، وكالخضروات في الصنادق والأكياس، والكتان مربوطًا حزمًا، وكالمساحات والأراضي برؤيتها والاطلاع عليها [(مدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ٣٠٢)].
(٣) في "المغني" (٦/ ٢٠١).
وانظر: "الأعلام بفوائد عمدة الأحكام" (٧/ ١٦٦ - ١٧٤) والبيان للعمراني (٥/ ١٩٢ - ١٩٣). ومدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ٣٠٢ - ٣٠٨).
(٤) في "الفتح" (٤/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>