للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي يدلّ عليه النصّ هو تحريم التفريق بين الإخوة، وأما بين من عداهم من الأرحام فإلحاقه بالقياس فيه نظر، لأنه لا تحصل منهم بالمفارقة مشقة كما تحصل بالمفارقة بين الوالد والولد وبين الأخ وأخيه، فلا إلحاق لوجود الفارق، فينبغي الوقوف على ما تناوله النص.

وظاهر الأحاديث أنه يحرم التفريق سواء كان بالبيع أو بغيره مما فيه مشقة تساوي مشقة التفريق بالبيع إلا التفريق الذي لا اختيار فيه للمفرق كالقسمة، والظاهر أيضًا أنه لا يجوز التفريق بين من ذكر لا قبل البلوغ ولا بعده (١)،، وسيأتي بيان ما استدلّ به على جوازه بعد البلوغ.

٤٣/ ٢٢٠٠ - (وعَنْ سَلَمَة بْنِ الأكْوَعِ قالَ: خَرَجْنا مَعَ أبي بَكْرٍ أمَّرَهُ عَلَيْنا رسُولُ الله فغَزوْنا فَزارَةَ، فلمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ أَمَرَنا أبو بَكْرٍ فَعَرَّسْنا، فلمَّا صَلَّيْنا الصُّبْحَ أمَرَنا أبو بكْرٍ فشَنَنَّا الغارَةَ فَقَتَلْنا على المَاءِ مَنْ قتَلْنا، ثمَّ نَظَرْتُ إلى عنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِ الذُّرِّيَّةُ والنِّساءُ نَحْوَ الْجَبَلِ وأنَا أَعْدُو في أثَرِهِمْ، فَخَشَيتُ أنْ


(١) قال ابن قدامة في "المغني" (٦/ ٣٧١ - ٣٧٢): "فصل: فإن فَرَّقَ بينهما قبلَ البلوغ، فالبيعُ باطل. وبه قال الشافعي فيما دون السَّبْع. وقال أبو حنيفة: البيعُ صحيح؛ لأنَّ النهي، لمعنًى في غير البيع، وهو الضررُ اللاحقُ بالتفريق، فلم يمنع صحةَ البيع، كالبيع في وقت النداءِ.
ولنا - أي الحنابلة - حديث علي، وأنَّ النبي أمره بردَّهما، ولو لزم البيعُ لما أمكنَ ردهما.
وروى أبو داود في سننه، أنَّ عليًّا فرقَ بين الأم وولدها، فنهاه النبي ، فردَّ المبيعَ. ولأنه بيعُ محرَّمٌ، لمعنى فيه، ففسد، كبيع الحمُر؛ ولا يصحُّ ما قاله؛ فإنَّ ضُررَ التفريق حاصل بالبيع، فكان لمعنى فيه. فأما تحديدُه بالسبع؛ فإن عمومَ اللفظ يمنعُ ذلك، ولا يجوزُ تخصيصُه بغير دليل، وإن كان فرَّق بينهما بعد البلوغ جاز.
وقال أبو الخطّاب: فيه روايتان؛ إحداهما: لا يجوز لعموم النهي.
والثانيةُ: يجوز. وهي الصحيحة؛ لما روي أن سلمة بن الأكوع أتى أبا بكرٍ بامرأةٍ وابنتها، فنفلَه أبو بكر ابنتها، فاستوهبها منه النبي فوهبها له.
وأهدِيَ إلى النبي مارية، وأختُها سيرينُ، فأعطى النبي سيرينَ لحسان بن ثابت، وترك مارية له.
ولأنه بعد البلوغ يصير مستقلًا بنفسه، والعادةُ التفريق بين الأحرار فإن المرأة تُزوجُ ابنتها، ويُفرَّقُ بين الحرة وولدها إذا افترق الأبوان" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>