للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أنه ليس من ذوي البصائر في معرفة السلع ومقادير القيمة، ويرى له ما يرى لنفسه، والمراد أنه إذا ظهر غبن رد الثمن واسترد المبيع.

واختلف العلماء في هذا الشرط هل كان خاصًّا بهذا الرجل أم يدخل فيه جميع من شرط هذا الشرط، فعند أحمد (١) ومالك (٢) في رواية عنه والمنصور بالله والإمام (٣) يحيى أنه يثبت الرد لكل من شرط هذا الشرط، ويثبتون الرد بالغبن لمن لم يعرف قيمة السلع، وقيده بعضهم بكون الغبن فاحشًا وهو ثلث القيمة عنده، قالوا: بجامع الخدع الذي لأجله أثبت النبي لذلك الرجل الخيار.

وأجيب بأن النبي إنما جعل لهذا الرجل الخيار للضعف الذي كان في عقله كما في حديث أنس (٤) المذكور فلا يلحق به إلا من كان مثله في ذلك بشرط أن يقول هذه المقالة، ولهذا روي أنه كان إذا غبن يشهد رجل من الصحابة أن النبي قد جعله بالخيار ثلاثًا فيرجع في ذلك، وبهذا يتبين أنه لا يصح الاستدلال بمثل هذه القصة على ثبوت الخيار لكل مغبون وإن كان صحيح العقل، ولا على ثبوت الخيار لمن كان ضعيف العقل إذا غبن ولم يقل هذه المقالة.

وهذا مذهب الجمهور وهو الحق (٥).

واستدل بهذه القصة على ثبوت الخيار لمن قال: لا خلابة سواء غبن أم لا، وسواء وجد غشًا أو عيبًا أم لا.

ويؤيده حديث ابن عمر الآخر (٦)، والظاهر أنه لا يثبت الخيار إلا إذا وجدت خلابة، لا إذا لم توجد، لأن السبب الذي ثبت الخيار لأجله هو وجود ما نفاه منها، فإذا لم يوجد فلا خيار.

واستدل بذلك أيضًا على جواز الحجر للسَّفه كما أشار إليه المصنف وغيره، وهو استدلال صحيح لكن بشرط أن يطلب ذلك من الإمام أو الحاكم قرابة من كان في تصرفه سفه كما في حديث أنس (٤).


(١) المغني (٦/ ٤٦).
(٢) انظر: التمهيد (١٢/ ٢٢٨).
(٣) البحر الزخار (٣/ ٣٥٩).
(٤) تقدم برقم (٢٢٣٠) من كتابنا هذا.
(٥) انظر: المغني (٦/ ٤٥ - ٤٧).
(٦) تقدم برقم (٢٢٣١) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>