للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ففصَّلْتُها) بتشديد الصاد.

الحديث استدلَّ به على أنه لا يجوز بيع الذهب مع غيره بذهب حتى يفصل من ذلك الغير ويميز عنه ليعرف مقدار الذهب المتصل بغيره ومثله الفضة مع غيرها بفضة، وكذلك سائر الأجناس الربوية لاتحادها في العلة وهي تحريم بيع الجنس بجنسه متفاضلًا.

ومما يرشد إلى استواء الأجناس الربوية في هذا ما تقدم من النهي عن بيع الصبرة من التمر بالكيل المسمى من التمر.

وكذلك نهيه عن بيع التمر بالرطب خرصًا لعدم التمكن من معرفة التساوي على التحقيق، وكذلك في مثل مسألة القلادة يتعذر الوقوف على التساوي من دون فصل، ولا يكفي مجرد الفصل بل لا بد من معرفة مقدار المفصول والمقابل له من جنسه وإلى العمل بظاهر الحديث ذهب عمر بن الخطاب وجماعة من السلف والشافعي (١) وأحمد (٢) وإسحاق ومحمد بن الحكم المالكي (٣).

وقالت الحنفية (٤) والثوري والحسن بن صالح والعترة (٥): إنه يجوز إذا كان الذهب المنفرد أكثر من الذي في القلادة ونحوها لا مثله ولا دونه.

وقال مالك (٦): يجوز إذا كان الذهب تابعًا لغيره بأن يكون الثلث فما دون.


(١) "البيان" للعمراني (٥/ ١٧٧).
(٢) المغني لابن قدامة (٦/ ٩٢ - ٩٣).
(٣) أما بيع السيف المحلى بالذهب بذهب، أو القلادة المرصعة بالذهب بالذهب، فيمتنع مطلقا على ظاهر حديث القلادة المتقدم حيث قال النبي : "لا تباع حتى تفصل" وهو قول الشافعي، وعبد الحكم من علمائنا - أي المالكية - والمشهور عند علمائنا جواز بيعها يدًا بيد بثلاثة شروط، الشرطان السابقان في بيع المحلى بغير صنفه، ويضاف لهما شرط ثالث وهو أن يكون الذهب في القلادة قليلًا تبعًا لغيره. لا تزيد قيمته على ثلث القلادة، أو تكون الفصوص قليلة كذلك تبعًا للذهب، بحيث لا تزيد قيمتها على ثلث القلادة بذهبها، وذلك لأن الشارع أباح تحليتها، ونزعه منها فيه فساد أو كلفة أو مشقة، وهو في ذاته تبع لغيره وقليل، والأتباع لا تقصد في العقود".
[انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٤/ ٦٢ - ٦٣) والأبي على صحيح مسلم (٥/ ٤٨٦) ومدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ٢٨٠ - ٢٨١)].
(٤) شرح فتح القدير (٧/ ١٣٥) وبدائع الصنائع (٥/ ١٩٥).
(٥) البحر الزخار (٣/ ٣٨٨).
(٦) بداية المجتهد (٣/ ٣٧٦) بتحقيقي، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٤/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>