للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأحاديث والآثار المذكورة في الباب متعارضة كما ترى، فذهب الجمهور (١) إلى جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة متفاضلًا مطلقًا، وشرط مالك أن يختلف الجنس ومنع من ذلك [مطلقًا] (٢) مع النسيئة أحمد بن حنبل وأبو حنيفة (٣) وغيره من الكوفيين والهادوية (٤)، وتمسك الأولون بحديث ابن عمرو (٥) وما ورد في معناه من الآثار.

وأجابوا عن حديث سمرة (٦) بما فيه من المقال.

وقال الشافعي (٧): المراد به النسيئة من الطرفين لأن اللفظ يحتمل ذلك كما يحتمل النسيئة من طرف وإذا كان النسيئة من الطرفين فهي من بيع الكالئ بالكالئ وهو لا يصح عند الجميع.

واحتج المانعون بحديث (٦) سمرة، وجابر بن سمرة (٨)، وابن عباس (٩)، وما في معناها من الآثار.

وأجابوا عن حديث ابن عمرو (٥) بأنه منسوخ. ولا يخفى أن النسخ لا يثبت إلا بعد تقرر تأخر الناسخ ولم ينقل ذلك، فلم يبق ههنا إلا الطلب لطريق الجمع إن أمكن ذلك أو المصير إلى التعارض.

قيل: وقد أمكن الجمع بما سلف عن الشافعي، ولكنه متوقف على صحة إطلاق النسيئة على بيع المعدوم بالمعدوم، فإن ثبت ذلك في لغة العرب أو في اصطلاح الشرع فذاك، وإلا فلا شك أن أحاديث النهي وإن كان كل واحد منها لا يخلو عن مقال لكنها ثبتت من طريق ثلاثة من الصحابة: سمرة (٦)، وجابر بن سمرة (٨)، وابن عباس (٩)، وبعضها يقوي بعضًا، فهي أرجح من حديث واحد غير خال عن المقال، وهو حديث عبد الله بن عمرو (٥)، ولا سيما وقد صحح


(١) الأم (٤/ ٢٤٤ - ٢٤٥). ومدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ٣٦٧). والمبسوط للسرخسي (١٢/ ١٣١).
(٢) ما بين الخاصرتين سقط من المخطوط (ب).
(٣) في شرح معاني الآثار (٤/ ٦١).
(٤) البحر الزخار (٣/ ٤٠٣).
(٥) تقدم برقم (٢٢٦٢) من كتابنا هذا.
(٦) تقدم برقم (٢٢٦٤) من كتابنا هذا.
(٧) الأم (٤/ ٢٤٥).
(٨) تقدم عقب الحديث رقم (٢٢٦٤) من كتابنا هذا.
(٩) تقدم خلال شرح الحديث (٢٢٦٤) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>