للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن رسلان: وأما المعدوم عند المسلم إليه وهو موجود عند غيره فلا خلاف في جوازه.

قوله: (وما نراه عندهم) لفظ أبي داود (١): "إلى قوم ما هو عندهم"، أي: ليس عندهم أصل من أصول الحنطة والشعير والتمر والزبيب.

وقد اختلف العلماء في جواز السلم فيما ليس بموجود في وقت السلم إذا أمكن وجوده في وقت حلول الأجل؛ فذهب إلى جوازه الجمهور (٢)، قالوا: ولا يضر انقطاعه قبل الحلول.

وقال أبو حنيفة (٣): لا يصح فيما ينقطع قبله، بل لا بد أن يكون موجودًا من العقد إلى المحل، ووافقه الثوري (٤) والأوزاعي (٥)، فلو أسلم في شيء فانقطع في محله لم ينفسخ عند الجمهور. وفي وجه للشافعية (٦) ينفسخ.

واستدل أبو حنيفة ومن معه بما أخرجه أبو داود (٧) عن ابن عمر: "أن رجلًا أسلف رجلًا في نخل، فلم يخرج تلك السنة شيئًا، فاختصما إلى النبي فقال: بم تستحل ماله، اردد عليه ماله، ثم قال: لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه".

وهذا نص في التمر وغيره قياس عليه، ولو صح هذا الحديث لكان المصير إليه أولى، لأنه صريح في الدلالة على المطلوب بخلاف حديث [عبد الرحمن بن أبزى] (٨) وعبد الله بن أبي أوفى (٩) فليس فيه إلا مظنة التقرير منه ، مع ملاحظة تنزيل ترك الاستفصال منزلة العموم (١٠).

ولكن حديث ابن عمر (٧) هذا في إسناده رجل مجهول، فإنَّ أبا داود رواهُ


(١) في سننه رقم (٣٤٦٤) وهو حديث صحيح.
(٢) البيان للعمراني (٥/ ٣٩٧) والمغني (٦/ ٤٠٧).
(٣) البناية في شرح الهداية (٧/ ٥٣٤ - ٥٣٥) وشرح فتح القدير (٧/ ٧٦ - ٧٧).
(٤) و (٥) حكاهما عنهما ابن قدامة في المغني (٦/ ٤٠٧) والعمراني في البيان (٥/ ٣٩٧).
(٦) الحاوي الكبير (٥/ ٣٩١).
(٧) في سننه رقم (٣٤٦٧) وهو حديث ضعيف.
(٨) في المخطوط (ب): (عبد الله بن عمر بن أبزى) وهو خطأ.
(٩) تقدم برقم (٢٢٨٧) من كتابنا هذا.
(١٠) تقدم مرارًا وانظر: "إرشاد الفحول" ص ٤٥٢ بتحقيقي. والبحر المحيط (٣/ ١٤٨) وتيسير التحرير (١/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>