للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المرتهن من لبنها بقدر علفها، فإن استفضل من اللبن بعد ثمن العلف فهو ربا".

ففيه دليل على أنه يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن إذا قام بما يحتاج إليه ولو لم يأذن المالك، وبه قال أحمد (١) وإسحاق والليث والحسن (٢) وغيرهم.

وقال الشافعي (٣) وأبو حنيفة (٤) ومالك (٥) وجمهور العلماء: لا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء، بل الفوائد للراهن والمؤن عليه.

قالوا: والحديث ورد على خلاف القياس من وجهين:

(أحدهما): التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير إذنه.

(والثاني): تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة.

قال ابن عبد البر (٦): هذا الحديث عند جمهور الفقهاء ترده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها.

ويدل على نسخه حديث ابن عمر عند البخاري (٧) وغيره بلفظ: "لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه".

ويجاب عن دعوى مخالفة هذا الحديث الصحيح للأصول بأن السنة الصحيحة من جملة الأصول فلا تردّ إلا بمعارض أرجح منها بعد تعذر الجمع.


(١) قال ابن قدامة في المغني (٦/ ٥٠٩): "مسألة؛ قال: (ولا ينتفِعُ المرتهن من الرَّهن بشيء، إلَّا ما كان مركوبًا أو محلُوبًا، فيركبُ ويحلُبُ بقدْرِ العلفِ).
الكلامُ في هذه المسألة في حالين؛ أحدِهما، ما لا يحتاج إلى مؤنةٍ، كالدار والمتاعِ ونحوه، فلا يجوزُ للمرتهِنِ الانتفاعُ به بغير إذنِ الراهن بحال. لا نعلم في هذا خلافًا لأنَّ الرهنَ مِلكُ الراهِنِ، فكذلك نماؤه ومنافِعُه، فليس لغيره أخذُها بغير إذنِه، فإنْ أذِنَ الراهنُ للمرتهن في الانتفاع بغير عوضٍ، وكان دَيْنُ الرَّهن من قرضٍ، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يحصِّل قرضًا يجرُّ منفعةً، وذلَك حرام.
قال أحمدُ: أكره قرضَ الدُّورِ، وهو الرِّبا المحضُ. يعني: إذا كانت الدارُ رهنًا في فرضٍ ينتفعُ بها المرتهن. وإن كان الرهنُ بثمنِ مبيعٍ، أو أجْرِ دَارٍ، أو دَين غير القرض، فأذِنَ له الراهن في الانتفاع، جاز ذلك.
رُوِيَ ذلك عن الحسن، وابن سيرين، وبه قال إسحاق … " اهـ.
(٢) انظر التعليقة المتقدمة.
(٣) الوسيط في المذهب (٣/ ٤٩٩ - ٥٠٠).
(٤) بدائع الصنائع (٦/ ١٥٦).
(٥) مدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ٦٤١).
(٦) في "التمهيد" (١٦/ ١٨٦).
(٧) في صحيحه رقم (٢٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>