للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعط العبد كراعًا يطلب ذراعًا، هكذا في الفتح (١).

والظاهر أن مراده الحض على إجابة الدعوة ولو كانت إلى شيء حقير؛ كالكراع والذراع، وعلى قبول الهدية ولو كانت شيئًا حقيرًا من كراعٍ أو ذراعٍ وليس المراد الجمع بين حقير وخطير، فإن الذراع لا يعد على الانفراد خطيرًا ولم تجر عادة بالدعوة إليه ولا بإهدائه، فالكلام من باب الجمع بين حقيرين، وكون أحدهما أحقر من الآخر لا يقدح في ذلك، ومحبته للذراع [لا تستلزم] (٢) أن تكون في نفسها خطيرة، ولا سيما في خصوص هذا المقام، ولو كان ذلك مرادًا له لقابل الكراع الذي هو أحقر ما يهدى ويدعى إليه بأخطر ما يهدى ويدعى إليه؛ كالشاة وما فوقها، ولا شك أن مراده الترغيب في إجابة الدعوة وقبول الهدية وإن كانت إلى أمر حقير وفي شيء يسير.

وقد ترجم البخاري (٣) لهذا الحديث فقال: باب القليل من الهدية.

وفي الحديثين المذكورين (٤) دليل على اعتبار القبول لقوله : "لقبلت". وسيأتي الخلاف في ذلك.

٣/ ٢٤٦٨ - (وَعَنْ خالِدِ بْنِ عَدِيّ أن النَّبِيَّ قالَ: "مَنْ جاءَهُ مِنْ أخِيه مَعْرُوفٌ مِنْ غَيْرِ إشْرَافٍ وَلا مَسألَةٍ فَلْيَقْبَلْهُ وَلا يَرُدَّهُ فإنَّمَا هُوَ رِزْق ساقَهُ الله إلَيْهِ" رَوَاهُ أحْمَدُ) (٥). [صحيح]


= ابن أخت جذيمة فُقِدَ زمانًا، ثم ظفر به مالك وعقيل، فقدَّما له طعامًا فأكله واستزاد، فقالت أمّ عمرو: "أُعْطِيَ العبدُ كُراعًا فطلبَ ذِراعًا … ". اهـ.
["جمهرة الأمثال" لأبي هلال العسكري (١/ ١٠٧)].
(١) (٥/ ٢٠٠).
(٢) في المخطوط (ب): (لا يستلزم).
(٣) في صحيحه (٥/ ١٩٩ رقم الباب (٢) - مع الفتح).
(٤) في الباب برقم (٢٤٦٦) و (٢٤٦٧) من كتابنا هذا.
(٥) في المسند (٤/ ٢٢١) بسند صحيح.
قلت: وأخرجه أبو يعلى رقم (٩٢٥) وابن حبان رقم (٣٤٠٤) و (٥١٠٨) والطبراني في المعجم الكبير رقم (٤١٢٤) والحاكم (٢/ ٦٢) والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٣٥٥١)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وهو حديث إسناده صحيح، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>