للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول بعدم الوجوب إلى الإجماع، وهو مجازفةٌ لما عرفت.

وأجاب الجمهور عن الآية بأنها منسوخة (١) كما في البخاري (٢) عن ابن عباس قال: "كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل لكل واحد من الأبوين السدس".

وأجاب القائلون بالوجوب بأن الذي نسخ الوصية للوالدين والأقارب الذين يرثون.

وأما من لا يرث فليس في الآية ولا في تفسير ابن عباس ما يقتضي النسخ في حقه.

وأجاب من قال بعدم الوجوب عن الحديث بأن قوله: "ما حق … " إلخ، للجزم والاحتياط؛ لأنَّه قد يفجؤه الموت وهو على غير وصيةٍ (٣).


(١) الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (١/ ٤٨٣).
(٢) في صحيحه رقم (٢٧٤٧).
(٣) قال ابن كثير في تفسيره (٢/ ١٦٨ - ١٦٩): "والعجب من أبي عبد الله محمد بن عمر الرازي كيف حكى في "تفسيره الكبير" عن أبي مسلم الأصفهاني: أن هذه الآية غير منسوخة، وإنما هي مفسرة بآية المواريث، ومعناه: كتب عليكم ما أوصى الله به من توريث الوالدين والأقربين. من قوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ قال: وهو قول أكثر المفسرين، والمعتبرين من الفقهاء. قال: ومنهم من قال: إنها منسوخة فيمن يرث، ثابتة فيمن لا يرث، وهو مذهب ابن عباس، والحسن، ومسروق، وطاوس، والضحاك، ومسلم بن يسار، والعلاء بن زياد.
(قلت): وبه قال أيضًا سعيد بن جبير، والربيع بن أنس، وقتادة، ومقاتل بن حيان. ولكن على قول هؤلاء لا يسمى هذا نسخًا في اصطلاحنا المتأخر؛ لأن آية المواريث إنما رفعت حكم بعض أفراد ما دل عليه عموم آية الوصاية؛ لأن الأقربين أعم ممن يرث ومن لا يرث، فرفع حكم من يرث بما عين له، وبقي الآخر على ما دلت عليه الآية الأولى، وهذا إنما يتأتى على قول بعضهم: إن الوصاية في ابتداء الإسلام إنما كانت ندبًا حتى نسخت. فأمَّا من يقول: إنها كانت واجبة - وهو الظاهر من سياق الآية - فيتعين أن تكون منسوخة بآية الميراث. كما قاله أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء، فمن وجوب الوصية للوالدين، والأقربين الوارثين منسوخ بالإجماع، بل منهي عنه للحديث المتقدم: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث".
فآية الميراث حكم مستقل، ووجوب من عند الله لأهل الفروض وللعصبات رفع بها حكم هذه بالكلية. =

<<  <  ج: ص:  >  >>