للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الحال، و (ما تركناه) في محل رفع على النيابة والتقدير: لا يورث الذي تركناه حال كونه صدقة، وهذا خلاف ما جاءت به الرواية ونقله [الحفاظ] (١)، وما ذلك بأوَّل تحريفٍ من أهل تلك النِّحلة.

ويوضح بطلانه ما في حديث أبي هريرة المذكور (٢) في الباب بلفظ: "فهو صدقة"، وقوله: " [لا تقتسم] (٣) ورثتي دينارًا"، وقوله: "أن النبي لا يورث" ومما ينادي على بطلانه أيضًا أن أبا بكر احتج بهذا الكلام على فاطمة فيما التمسته منه من الذي خلَّفه رسول الله من الأراضي، وهما من أفصح الفصحاء وأعلمهم بمدلولات الألفاظ، فلو كان اللفظ كما تقرؤه الروافض لم يكن فيما احتج به أبو بكر حجة ولا كان جوابه مطابقًا لسؤالها.

قوله: (أنشدكم [الله]) (٤) أي: أسألكم رافعًا نشدتي، أي: صوتي، وقد قدمنا الكلام على هذا التركيب ومعناه.

قوله: (ومئونة عاملي) اختلف في المراد به، فقيل: هو الخليفة بعده.

قال الحافظ (٥): وهذا هو المعتمد.

وقيل: يريد بذلك العامل على النخل، وبه جزم الطبري (٦) وابن بطال (٧).

وأبعد من قال: المراد بعامله حافر قبره. وقال ابن دحية في الخصائص (٨): المراد بعامله: خادمه. وقيل: العامل على الصدقة. وقيل: العامل فيها كالأجير، ونبه بقوله: "دينارًا" بالأدنى على الأعلى.

وظاهر الأحاديث المذكورة في الباب أن الأنبياء لا يورثون، وأن جميع ما تركوه من الأموال صدقة، ولا يعارض ذلك قوله تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾ (٩)، فإن المراد بالوراثة المذكورة وراثة العلم لا المال كما صرح بذلك جماعة من


(١) في المخطوط (ب): (الحافظ).
(٢) تقدم برقم (٥٢/ ٢٥٨٩) من كتابنا هذا.
(٣) في المخطوط (ب): (لا يقتسم).
(٤) في المخطوط (أ): (بالله).
(٥) في الفتح (٦/ ٢٠٩).
(٦) ذكره الحافظ في "الفتح" (٦/ ٢٠٩).
(٧) في شرحه لصحيح البخاري (٥/ ٢٦١) و (٨/ ٣٤٣).
(٨) ذكره الحافظ في "الفتح" (٦/ ٢٠٩).
(٩) سورة النمل، الآية: (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>