للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العمامة" قالوا: قال ابن القيم (١): "إنه لم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته أكمل على العمامة" قال: وأما حديث أنس فمقصود أنس أن النبي لم ينقض عمامته حتى يستوعب مس الشعر كله ولم ينف التكميل على العمامة، وقد أثبته حديث المغيرة، فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه. وأيضًا قال الحافظ: إن حديث أنس في إسناده نظر (٢). وأجيب بأن النزاع في الوجوب وأحاديث التعميم، وإن كانت أصح وفيها زيادة وهي مقبولة، لكن أين دليل الوجوب؟ وليس إلا مجرد أفعال، ورد بأنها وقعت بيانًا للمجمل فأفادت الوجوب. والإنصاف أن الآية ليست من قبيل المجمل وإن زعم ذلك الزمخشري (٣) وابن الحاجب في مختصره (٤) والزركشي (٥)، والحقيقة لا تتوقف على مباشرة آلة الفعل لجميع أجزاء المفعول كما لا تتوقف في قولك: ضربت عمرًا على مباشرة الضرب لجميع أجزائه، فمسح رأسه يوجد المعنى الحقيقي بوجود مجرد المسح للكل أو البعض، وليس النزاع في مسمى الرأس فيقال: هو حقيقة في جميعه، بل النزاع في إيقاع المسح على الرأس، والمعنى الحقيقي للإيقاع يوجد بوجود المباشرة ولو كانت المباشرة الحقيقية لا توجد إلا بمباشرة الحالّ لجميع المحل لقل وجود الحقائق في هذا الباب، بل يكاد بلحق بالعدم فإنه يستلزم أن نحو ضربت زيدًا وأبصرت عمرًا من المجاز لعدم عموم الضرب والرؤية، وقد زعمه ابن جنى (٦) منه وأورده مستدلًا به على كثرة


= قلت: وأخرجه النسائي (١/ ٧٦ - ٧٧، رقم ١٠٧ - ١٠٨ - ١٠٩) وأبو عوانة (١/ ٢٥٩ - ٢٦٠) وابن الجارود رقم (٨٣) والطحاوي في شرح المعاني (١/ ٣٠) والدارقطني (١/ ١٩٢) والبيهقي (١/ ٥٨) وأحمد (٤/ ٢٤٤) والطيالسي (ص ٩٥ رقم ٦٩٩).
وهو حديث صحيح.
(١) في "زاد المعاد" (١/ ١٩٣ - ١٩٤)
(٢) قلت بل هو حديث ضعيف. كما تقدم قريبًا ص ٨٦.
(٣) في الكشاف (١/ ٣٢٥ - ٣٢٦).
(٤) (٢/ ١٥٩).
(٥) في "البحر المحيط" (٢/ ٢٦٦ - ٢٧٣) و (٣/ ٤٦٣ - ٤٦٤).
(٦) ابن جني هو عثمان بن جني الموصلي أبو الفتح ولد بالموصل وتوفي في بغداد وهو من أئمة الأدب والنحو، توفي عام (٣٩٢ هـ). "الخصائص" (٢/ ٢٤٧ - ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>