للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذهب جمهور أهل العلم من الصحابة [فمن] (١) بعدهم إلى أنه يُفْسَخ النكاح بالعيوب وإن اختلفوا في تفاصيل ذلك وفي تعيين العيوب التي بها يُفْسَخُ النكاح (٢).

وقد روي عن علي (٣) وعمر (٤).


(١) في المخطوط (ب): (ومن).
(٢) قال ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد" (٥/ ١٦٥): " … اختلف الفقهاء في ذلك: فقال داود، وابن حزم، ومن وافقهما: لا يُفْسَخُ النكاحُ بعيب البتة.
وقال أبو حنيفة: لا يُفسخ إلا بالجَبِّ والعُنَّةِ خاصة.
وقال الشافعي ومالك: يُفسخ بالجنون والبَرَصِ، والجُذام والقَرَن، والجَبِّ والعُنَّةِ خاصة.
وزاد الإمام أحمد عليهما: أن تكون المرأة فتقاءَ منخرقِة ما بين السبيلين؛ ولأصحابه في نتَنِ الفرج والفم، وانخراق مخرجي البول والمني في الفرج، والقروح السيالة فيه، والبواسير، والنَّاصور، والاستحاضة، واستطلاقُ البول، والنجو، والخصي وهو قطعُ البيضتين. والسَّل: وهو سَلُّ البيضتين، والوجأ: وهو رضُّهما، وكونُ أحدهما خُنثى مشكلًا، والعيب الذي يصاحبه مثله مِن العيوب السبعة. والعيب الحادث بعد العقد، وجهان.
وذهب بعضُ أصحاب الشافعي إلى ردِّ المرأةَ بكُلِّ عيبٍ تُردُّ به الجاريةُ في البيع، وأكثرهم لا يعرفُ هذا الوجه ولا مَظِنَّتَه، ولا مَنْ قالَه. وممن حكاه: أبو عاصم العباداني في كتاب طبقات أصحاب الشافعي، وهذا القولُ هو القياس، أو قول ابن حزم ومن وافقه.
وأما الاقتصارُ على عيبين أو ستة أو سبعة أو ثمانية دون ما هو أولى منها أو مساوٍ لها، فلا وجه له، فالعمى والخرس، والطرش، وكونُها مقطوعة اليدين أو الرجلين، أو إحداهُما، أو كون الرجل كذلك من أعظم المنفِّرات، والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش، وهو مُنافٍ للدين، والإطلاق إنما ينصرف إلى السلامة، فهو كالمشروط عرفًا.
وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له: أخبرها أنك عقيمٌ وخيّرها. فإذا يقول في العيوب التي هذا عندها كمالٌ لا نقص.
والقياس: أن كُلَّ عيب ينفُرِ الزوج الآخر منه، ولا يحصُل به مقصودُ النكاح من الرحمة والمودَّة يُوجبُ الخيارَ، وهو أولى من البيع، كما أن الشروط المشترطة في النكاح أولى بالوفاءِ من شروط البيع، وما ألزم اللهُ ورسولُه مغرورًا فطُّ، ولا مغبونًا بما غُرَّ به وغُبنَ به، ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره وموارِده وعدله وحِكمته، وما اشتمل عليه من المصالح لم يخفَ عليه رجحان هذا القول، وقربُه من قواعد الشريعة". اهـ.
(٣) أخرج البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢١٥) عن الشعبي قال: قال علي : "أيما رجل نكح امرأة وبها برص، أو جنون، أو جذام، أو قرن، فزوجها بالخيار ما لم يمسها إن شاء أمسك وإن شاء طلق، فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها". إسناده صحيح.
(٤) أخرج ابن القيم في "زاد المعاد" (٥/ ١٦٧) عن سعيد بن المسيب، عن عمر، قال: إذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>