للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعض" وهو في قوة: هذا ابن هذا، فإن ظاهره أنه تقرير للإلحاق بالقافة مطلقًا لا إلزام للخصم بما يعتقده، ولا سيما والنبي لم ينقل عنه إنكار كونها طريقًا يثبت بها النسب حتى يكون تقريره لذلك من باب التقرير على مضي كافر إلى كنيسة ونحوه مما عرف منه إنكاره قبل السكوت عنه.

ومن الأدلة المقوِّية للعمل بالقافة: حديث الملاعنة المتقدِّم (١)، حيث أخبر بأنها إن جاءت به على كذا فهو لفلانٍ، وإن جاءت به على كذا فهو لفلانٍ، فإنَّ ذلك يدل على اعتبار المشابهة. لا يقال: لو كان ذلك معتبرًا لما لاعن بعد أن جاءت بالولد مشابهًا لأحد الرجال، وتبين له ذلك حتى قال: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن" (٢).

لأنا نقول: إن النسب كان ثابتًا بالفراش وهو أقوى ما يثبت به، فلا تعارضه القافة لأنها إنما تعتبر مع الاحتمال فقط ولا سيما بعد وجود الأيمان التي شرعها الله تعالى بين المتلاعنين ولم يشرع في اللعان غيرها، ولهذا جعلها مانعة من العمل بالقافة، وفي ذلك إشعار بأنه يعمل بقول القائف مع عدمها.

ومن المؤيدات للعمل بالقافة: ما تقدم من جوابه على أم سليم حيث قالت: "أو تحتلم المرأة؟ فقال: فيم يكون الشبه" (٣) وقال: "إن ماء الرجل إذا سبق ماء المرأة كان الشبه له" (٤) الحديث المتقدم.

لا يقال: إن بيان سبب الشبه لا يدل على اعتباره في الإلحاق. لأنا نقول: إن إخباره بذلك يستلزم أنَّه مناطٌ شرعيٌّ، وإلا لما كان للإخبار فائدة يعتدُّ بها.

وأمّا عدم تمكينه لمن ذكر له أن ولده أسود من اللعان كما تقدم فلمخالفته لما يقتضيه الفراش الذي لا يعارضه العمل بالشبه ..


(١) تقدم برقم (٢٩١١) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم برقم (٢٩١٢) من كتابنا هذا.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٦/ ٣٠٦) والبخاري رقم (٣٣٢٨) والنسائي رقم (١٩٧).
وهو حديث صحيح.
(٤) أخرجه البخاري رقم (٣٣٢٩) ومسلم رقم (٣٤/ ٣١٥).
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>