للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد بوّب النووي (١) لهذا الحديث فقال: باب جواز خروج المعتدة البائن من منزلها في النهار للحاجة إلى ذلك ولا يجوز لغير حاجة.

وقد ذهب إلى ذلك عليٌّ وأبو حنيفة (٢) والقاسم (٣) والمنصور بالله (٣)، ويدلّ على اعتبار الغرض الديني أو الدنيوي تعليله بالصدقة أو فعل الخير. ولا معارضة بين هذا الحديث وبين قوله تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾ (٤) الآية.

بل الحديث مخصصٌ لذلك العموم بالمشعور به من النهي، فلا يجوز الخروج إلا للحاجة لغرضٍ من الأعراض.

وذهب الثوري (٥) والليث (٦) ومالك (٧) والشافعي (٨) وأحمد (٩) وغيرهم إلى أنه يجوز لها [الخروج] (١٠) في النهار مطلقًا، وتمسكوا بظاهر الحديث، وليس فيه ما يدلّ على اعتبار الحاجة، وغايته اعتبار أن يكون الخروج لقربة من القرب كما يدلّ على ذلك آخر الحديث.

ومما يؤيد مطلق الجواز في النهاية القياس على المتوفى عنها كما سيأتي قوله: (تَسَلَّبِي) بفتح أوله وبعده سين مهملة مفتوحة وتشديد اللام، أي: البسي السلاب: وهو ثوب الإحداد. وقيل: هو ثوب أسود تغطي به رأسها (١١)، وقد قدمنا الكلام على حديث أسماء (١٢) هذا وكيفية الجمع بينه وبين الأحاديث القاضية بوجوب الإحداد.


(١) في شرحه لصحيح مسلم (١٠/ ١٠٨).
(٢) الاختيار (٣/ ٢٣٠ - ٢٣١) وشرح فتح القدير (٤/ ٣٠٩).
(٣) الاعتصام بحبل الله المتين (٣/ ٣٤٨) والبحر الزخار (٣/ ٢٢٣).
(٤) سورة الطلاق، الآية: (١).
(٥) موسوعة فقه الإمام الثوري (ص ٦٥٣) والتمهيد (١١/ ٣٢٣).
(٦) التمهيد (١١/ ٣٢٣).
(٧) مدونة الفقه المالكي وأدلته (٣/ ١١٧).
(٨) المهذب (٤/ ٥٥٤) والروضة للنووي (٨/ ٤١٥ - ٤١٦).
(٩) المغني (١١/ ٢٩٧).
(١٠) في المخطوط (ب): (الخورج) وهو خطأ.
(١١) قاله ابن الأثير في النهاية (١/ ٧٩٣). وانظر: الفائق (١/ ١٩٢).
(١٢) تقدم برقم (٢٩٤٣) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>