للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي في المنهاج (١) ما لفظه: "ولمال وعقد مالي كبيع، وإقالةٍ وحوالةٍ وضمانٍ، وحقّ مالي كخيار: رجلان، أو رجلٌ وامرأتان، ولغير ذلك: من عقوبةٍ لله تعالى، أو لآدميٍّ وما يطلع عليه رجال غالبًا، كنكاحٍ وطلاقٍ ورجعةٍ وإسلامٍ وردّةٍ وجرحٍ وتعديلٍ وموتٍ وإعسارٍ، ووكالةٍ ووصايةٍ وشهادةٍ على شهادة: رجلان". انتهى.

واستدلّ الشارحُ المحلِّيُّ للأوّل بقوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ (٢) قال: وعموم الأشخاص مستلزم لعموم الأحوال المخرج منه ما يشترط فيه الأربعة، وما لا يكتفى فيه بالرجل والمرأتين.

واستدلَّ للثاني بما رواه مالك (٣) عن الزهري، قال: مضت السُّنَّة: أنَّه لا يجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح والطلاق.

قال: وقيس على الثلاثة باقي المذكورات بجامع: أنها ليست بمال، ولا يقصد منها مال، والقصد من الوكالة والوصاية الراجعتين إلى المال الولاية والخلافة لا المال. انتهى.

وقد أخرج قول الزهريِّ المذكور ابن أبي شيبة (٤) بإسناد فيه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف مع كون الحديث مرسلًا لا تقوم بمثله الحجة فلا يصلح لتخصيص عموم القرآن باعتبار ما دخل تحت نصه فضلًا عمَّا لم يدخل تحته بل ألحق به بطريق القياس.

وأما الحديثان المذكوران في الباب فليس فيهما إلا مجرّد التنصيص على شهادة الشاهدين في القصاص، وذلك لا يدلّ على عدم قبول شهادة رجل وامرأتين، وغاية الأمر أن النبي طلب ما هو الأصل الذي لا يجزى عنه غيره إلا مع عدمه كما يدلّ عليه قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ (٥)


(١) في "المنهاج" (٤/ ٤٤١ - ٤٤٢ - مع مغني المحتاج).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٨٢).
(٣) عيون المجالس (٤/ ١٥٤٣ - ١٥٤٤ رقم المسألة ١٠٨٣).
(٤) في المصنف (١٠/ ٥٨ رقم ٨٧٦٣) بسند ضعيف.
(٥) سورة البقرة، الآية: (٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>