للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

احتجَّ من قال: إن ديته ثلث دية المسلم بفعل عمر (١) المذكور من عدم رفع دية أهل الذمة وأنها كانت في عصره أربعة آلاف درهم ودية المسلم اثنا عشر ألف درهم.

ويجاب عنه بأن فعل عمر ليس بحجة على فرض عدم معارضته لما ثبت عنه ، فكيف وهو هنا معارض للثابت قولًا وفعلأ. وتمسكوا في جعل دية المجوسي ثلثي عشر دية المسلم بفعل عمر المذكور في الباب.

ويجاب عنه بما تقدم ويمكن الاحتجاج لهم بحديث عقبة بن عامر (٢) الذي ذكرناه فإنه موافق لفعل عمر، لأن ذلك المقدار هو ثلثا عشر الدية إذ هي اثنا عشر ألف درهم وعشرها اثنا عشر مائة، وثلثا عشرها ثمانمائة.

ويجاب بأن إسناده ضعيف كما أسلفنا فلا يقوم بمثله حجة.

لا يقال: إن الرواية الثانية من حديث الباب (٣) بلفظ: "قضى أن عقل أهل الكتابين، إلخ" مقيدة باليهود والنصارى، والرواية الأولى منه مطلقة فيحمل المطلق على المقيد، ويكون المراد بالحديث دية اليهود والنصارى دون المجوس.

لأنا نقول: لا نسلم صلاحية الرواية الثانية للتقييد ولا للتخلص، لأن ذلك من التنصيص على بعض أفراد المطلق أو العام، وما كان كذلك فلا يكون مقيدًا لغيره ولا مخصصًا له، ويوضح ذلك: أن غاية ما في قوله: عقل أهل الكتابين أن يكون من عداهم بخلافهم لمفهوم اللَّقَب، وهو غير معمولٍ به عند الجمهور وهو الحقُّ فلا يصلح لتخصيص قوله : "عقل الكافر نصف دية المسلم" ولا لتقييده على فرض الإطلاق ولا سيما ومخرج اللفظين واحدٌ والراوي واحدٌ، فإنَّ ذلك يفيد: أن أحدهما من تصرُّف الراوي، واللازم الأخذ بما هو مشتمل على زيادة، فيكون المجوسيُّ داخلًا تحت ذلك العموم، وكذلك كل من له ذمّة من الكفار، ولا يخرج عنه إلا من لا ذمّة له، ولا أمان، ولا عهد من


(١) تقدم برقم (٣٠٦٥) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم، وقد أخرجه ابن عدي في الكامل (٤/ ٢٠٨) والبيهقي (٨/ ١٠١) وغيرهم بسند ضعيف.
(٣) تقدم برقم (٣٠٦٤) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>