للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ولا يُثَرِّبُ عليها) بمثناة تحتية مضمومة ومثلثة مفتوحة ثم راء مشددة مكسورة وبعدها موحدة وهو التعنيف (١).

وقد ثبت في رواية عند النسائي (٢) بلفظ: "ولا يعنفها"، والمراد: أن اللازم لها شرعًا هو الحدُّ فقط؛ فلا يضمَّ إليه سيدُها ما ليس بواجبٍ شرعًا، وهو المحريب.

وقيل: إنَّ المراد نهي السيد عن أن يقتصر على التثريب دون الحد، وهو مخالف لما يفهمه السياق. وفي ذلك كما قال ابن بطال (٣) دليل على أنَّه لا يعزر من أقيم عليه الحد بالتعنيف واللوم، ولهذا لم يثبت: أنَّه سبَّ أحدًا ممن أقام عليه الحدَّ، بل نهى عن ذلك كما سيأتي من حديث أبي هريرة في كتاب حد شارب (٤) الخمر.

قوله: (ثم إن زنت) فيه دليل على أنه لا يقام على الأمة الحدُّ إلا إذا زنت بعد إقامة الحدِّ عليها، لا إذا تكرَّر منها الزنا قبل إقامة الحد كما يدلُّ على ذلك لفظ: "ثم" بعد ذكر الجلد.

قوله: (فليبعها) ظاهر هذا أنها لا تحدُّ إذا زنت بعد أن جلدها في المرّة الثانية، ولكنَّ الرواية التي ذكرها المصنف عن أبى هريرة وزيد بن خالد (٥) مصرحة بالجلد في الثالثة، وكذلك الرواية التي ذكرها عن أحمد (٦) وأَبي داود (٧) أنهما ذكرا في الرابعة الحدَّ، والبيعَ؛ نصٌّ في محل النزاع، وبها يُردُّ على النووي (٨) حيث قال: إنه لما لم يحصل المقصود من الزجر عدل إلى الإخراج


(١) قال ابن الأثير في "النهاية" (١/ ٢٠٧): "أي لا يوبخها ولا يقرعها بالزنا بعد الضرب، وقيل: أراد لا يقنع في عقوبتها بالتثريب، بل يضربها الحد، فإن زنا الإماء لم يكن عند العرب مكروهًا ولا منكرًا، فأمرهم بحد الإماء كما أمرهم بحد الحرائر".
(٢) في السنن الكبرى رقم (٧٢٢٩ - الرسالة).
(٣) في شرحه لصحيح البخاري (٨/ ٤٧٣ - ٤٧٤).
(٤) عند الحديث رقم (٥/ ٣١٦٥) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم برقم (٣١٣٨) من كتابنا هذا.
(٦) في المسند (٢/ ٤٢٢) وقد تقدم.
(٧) في سننه رقم (٤٤٧١) وقد تقدم.
وهو حديث صحيح لغيره، وقد تقدم بإثر الحديث رقم (٣١٣٧) من كتابنا هذا.
(٨) لم أقف على كلام النووي هذا في شرحه لصحيح مسلم ولا في الروضة … بل وقفت =

<<  <  ج: ص:  >  >>