للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قدَّمنا في باب الحثِّ على إقامةِ الحدودِ والنهي عن الشفاعةِ فيه ما فيه أكملُ دلالة على الفرق بين الشفاعة في الحد قبل الرفع وبعده.

قوله: (إنما هلكَ من كانَ قبلكم) في رواية: "إنما هلكَ بنو إسرائيل" (١) وظاهرُ الحصرِ العمومُ (٢)، وأنه لم يقع الهلاكُ لمن قبلَ هذه الأمةِ أو لبني إسرائيل إلا بهذا السبب.

وقيل: المراد من هلك بسبب تضييع الحدود، فيكون المراد بالعموم هذا النوع الخاص.

وفي حديث عائشة عند أبي الشيخ (٣) أنهم عطلوا الحدود عن الأغنياء وأقاموها على الضعفاء.

ومثله ما في حديث الباب: "أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه … إلخ". وفي حديث ابن عباس (٤): "أنهم كانوا يأخذون الدية من الشريف إذا قتل عمدًا والقصاص من الضعيف".

قوله: (فقطع يد المخزومية) فيه دليل: على أنَّه يقطع جاحدُ العارية.

وإليه ذهب من لم يشترط في القطع أن يكون من حرزٍ، وهو: أحمد (٥) وإسحاق، وزفر، والخوارج، كما سلف، وبه قال أهل الظاهر (٦)، وانتصر له ابن حزم.

وذهب الجمهور (٧): إلى عدم وجوب القطع لمن جحد العاريَّة، واستدلوا


(١) وهو جزء من حديث عائشة أخرجه النسائي في سننه رقم (٤٨٩٥).
وهو حديث صحيح.
(٢) انظر: البحر المحيط (٢/ ٣٢٤ - ٣٢٦) وشرح الكوكب المنير (٣/ ٥١٥ - ٥١٨).
(٣) أخرجه أبو الشيخ (أبو محمد، عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيَّان، ت ٣٦٩ هـ).
في "كتاب السرقة" من طريق زاذان عن عائشة مرفوعًا كما في "فتح الباري" (١٢/ ٩٤).
• واعلم أن "كتاب السرقة" سمَّاه السمعاني في "التحبير" (١/ ١٦١): "القطع والسرقة" وكذا الكتاني في "الرسالة المستطرفة" (٤٩)، ولم يصل إلينا.
انظر: ["معجم المصنفات" (ص ١٨٢ رقم ٥٠١)، (ص ٢١٣ رقم ٦١٥)].
(٤) انظر: "فتح الباري" (١٢/ ٩٥).
(٥) المغني (١٢/ ٤١٦).
(٦) المحلى لابن حزم (١١/ ٣٢٠)، وقال فيه: لا قطع إلا فيما أخرج من حرزه.
(٧) المغنى (١٢/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>