للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج الطحاوي (١) لأصحابه بحديث أنس (٢) المذكور في الباب، وأيده بأن هذا الكلام لو صدر من مسلم لكانت ردة.

وأما صدوره من اليهود فالذي هم عليه من الكفر أشد، فلذلك لم يقتلهم النبي .

وتعقب بأن دماءهم لم تحقن إلا بالعهد، وليس في العهد أنهم يسبون النبي ، فمن سبه منهم تعدى العهد فينتقض فيصير كافرًا بلا عهد فيهدر دمه إلا أن يسلم.

ويؤيده أنه لو كان كل ما يعتقدونه لا يؤاخذون به لكانوا لو قتلوا مسلمًا لم يقتلوا، لأن من معتقدهم حل دماء المسلمين ومع ذلك لو قتل منهم أحد مسلمًا قتل.

فإن قيل: إنما يقتل بالمسلم قصاصًا بدليل أنه يقتل به ولو أسلم، ولو سب - ثم أسلم لم يقتل.

قلنا: الفرق بينهما أن قتل المسلم يتعلق بحق آدمي فلا يهدر.

وأما السبُّ فإنَّ وجوب القتل به يرجع إلى حقِّ الدين فيهدمه الإسلام، والذي يظهر أن ترك قتل اليهود إنما كان لمصلحة التأليف، أو لكونهم لم يعلنوا به أولهما جميعًا، وهو أولى كما قال الحافظ (٣).

* * *


(١) في شرح معاني الآثار (٤/ ٣٤٣).
(٢) تقدم برقم (٥٤/ ٣٢١٤) من كتابنا هذا.
(٣) في "الفتح" (١٢/ ٢٨١).
قلت: وأفضل ما كتب في حكم سب النبي كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية "الصارم المسلول على شاتم الرسول"، فقد أجاد وأفاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>