للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهل الظاهر (١)، ونقله ابن المنذر (٢) عن معاذ وعبيد بن عمير، وعليه يدلُّ تصرف البخاري، فإنه استظهر بالآيات التي لا ذكر فيها للاستتابة، والتي فيها أن التوبة لا تنفع، وبعموم قوله: "من بدّل دينه فاقتلوه" (٣). وبقصة معاذ المذكورة، ولم يذكر غير ذلك.

قال الطحاوي (٤): ذهب هؤلاء إلى أن حكم من ارتد عن الإسلام حكم الحربيِّ الذي بلغته الدعوة، فإنه يقاتل من قبل أن يدعى، قالوا: وإنما تشرع الاستتابة لمن خرج عن الإسلام لا عن بصيرةٍ. فأما من خرج عن بصيرة فلا، ثم نقل عن أبي يوسف (٥) موافقتهم، لكن إن جاء مبادرًا بالتوبة خلي سبيله ووكل أمره إلى الله.

وعن ابن عباس: إن كان أصله مسلمًا لم يستتب وإلا استتيب.

واستدل ابنُ القصَّار (٦) لقول الجمهور بالإجماع، يعني السكوتي، لأن عمر كتب في أمر المرتد: "هلا حبستموه ثلاثة أيام؟ "، ثم ذكر الأثر المذكور في الباب. ثم قال: ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة كأنهم فهموا من قوله : "من بدّل دينه فاقتلوه" (٣)، أي: إن لم يرجع، وقد قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ (٧).

واختلف القائلون بالاستتابة هل يكتفي بالمرة أم لا بد من ثلاث؟ وهل الثلاث في مجلس أو في يوم أو في ثلاثة أيام؟ ونقل ابن بطال (٨) عن علي أنه يستتاب شهرًا، وعن النخعي (٩) يستتاب أبدًا.


(١) المحلى (١١/ ١٨٨).
(٢) في "الإشراف" (٢/ ٢٣٨) وفيه: (أن يقتل ولا يستتاب هذا قول عبيد بن عمير وطاووس). وكذلك في المغني (١٢/ ٢٦٧).
(٣) تقدم برقم (٣٢١٥) من كتابنا هذا.
(٤) في شرح معاني الآثار (٣/ ٢١٠).
(٥) مختصر الطحاوي (٣/ ٥٠١ - ٥٠٢) وشرح معاني الآثار (٣/ ٢١٠).
(٦) حكاه عنه النووي في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢٠٨) وابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (٨/ ٥٧٢).
(٧) سورة التوبة، الآية (٥).
(٨) في شرحه لصحيح البخاري (٨/ ٥٧٥) ولم يذكر شهرًا. وقد ذكر القفال في "حلية العلماء" (٧/ ٦٢٥) عن علي أنه قال: يستتاب شهرًا.
(٩) موسوعة فقه إبراهيم النخعي (١/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>