للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (برُّ الوالدين) كذا للأكثر، وللمستملي: ثم برُّ الوالدين بزيادة ثم.

وفي الحديث فضل تعظيم الوالدين وأن أعمال البدن يفضل بعضها على بعض. وفيه فوائد غير ذلك.

قوله: (ففيهما فجاهد) أي: خصصهما بجهاد النفس في رضاهما.

قال في الفتح (١): ويستفاد منه: جواز التعبير عن الشيء بضدِّه إذا فُهِم المعنى، لأنَّ صيغة الأمر في قوله: فجاهد، ظاهرها: إيصال الضرر الذي كان يحصل لغيرهما بهما، وليس ذلك مرادًا قطعًا، وإنما المراد: إيصال القدر المشترك من كلفة الجهاد، وهو تعبُ البدن [وبذل] (٢) المال.

ويؤخذ منه: أن كل شيءٍ يتعب النفس يسمى جهادًا. اهـ.

ولا يخفى أن كون المفهوم من تلك الصيغة إيصال الضرر بالأبوين إنما يصحُّ قبل دخول لفظ: "في" عليها.

وأما بعد دخولها كما هو الواقع في الحديث: فليس ذلك المعنى هو المفهوم منها، فإنه لا يقال: جاهد في الكفار بمعنى: جاهدهم، كما يقال: جاهد في الله، فالجهاد الذي يراد منه: إيصال الضرر لمن وقعت المجاهدة له هو: جاهده، لا جاهد فيه وله.

وفي الحديث دليل: على أن بر الوالدين قد يكون أفضلَ من الجهاد.

قوله: (فإن أذنا لك فجاهد) فيه دليل: على أنه يجب استئذان الأبوين في الجهاد، وبذلك قال الجمهور (٣)، وجزموا بتحريم الجهاد إذا منع منه الأبوان أو أحدهما، لأنَّ برَّهما فرض عين، والجهاد فرض كفاية، فإذا تعيَّن الجهاد فلا إذن.

ويشهد له ما أخرجه ابن حبان (٤) من حديث عبد الله بن عمرو قال: "جاء


(١) في "الفتح" (٦/ ١٤٠).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط (أ) و (ب) وهو لازم فأضفته.
(٣) المغني لابن قدامة (١٣/ ٢٥) و "فتح الباري" (٦/ ١٤٠).
(٤) في صحيحه رقم (١٧٢٢) بسند حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>