للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاقْتَصُّوا أَثَرهُمْ؛ فلمَّا رآهُمْ عاصِمُ وأَصحَابُهُ لجَأوا إلى فدْفدٍ وأحاطَ بهمُ القَوْمُ، فقالوا لهُمُ: انْزِلوا وأَعْطوا بأيْدِيكُمْ ولكُمُ العَهْدُ والْمِيثَاقُ أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، قالَ عاصِمُ بْنُ ثابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمّا أَنَا فوَالله لَا أَنْزلُ اليَوْمَ في ذِمَّةِ كافِرٍ، اللَّهمّ خَبِّرْ عنّا نَبِيّكَ، فرَمُوْهُمْ بالنّبْلِ فَقَتَلُوا عاصمًا فَي سَبْعةٍ، فنزَلَ إليْهِمْ ثلَاثةُ رهْطٍ بالْعَهْدِ والْمِيثَاقِ، منْهُمْ: خُبَيْبٌ الأنْصَارِيُّ، وابْنُ دَثِنةَ وَرجُلٌ آخَرُ، فلمّا اسْتَمْكَنوا منْهُمْ أَطَلقُوا أَوْتارَ قِسِيِّهمْ فأوْثقُوهُمْ، فقالَ الرّجُلُ الثّالِثُ: هذا أَوّلُ الْغَدْرِ وَالله لَا أَصْحَبُكُمْ إنّ لِي في هؤُلاءِ لأُسْوة، يُريدُ القَتْلَى، فَجرّرُوهُ وَعالجُوهُ على أنْ يَصْحَبَهُمْ فأبَى فقَتَلُوهُ وانْطَلقُوا بخُبَيْبٍ وابْنِ دَثِنةَ حتّى باعُوهُما بمكّةَ بَعدَ وَقْعةِ بَدْرٍ، وَذكَرَ قِصّةَ قَتْلِ خُبَيْبٍ، إلى أَنْ قالَ: اسْتَجابَ الله لِعَاصِم بْنِ ثابِتٍ يَومَ أُصِيبَ، فأخْبَرَ النَّبِيُّ أَصحابَهُ خَبَرَهُم وَما أصِيبُوا. مُخْتَصَرٌ لأحمدَ (١) والبُخاريِّ (٢) وأَبي داوُد) (٣). [صحيح]

تمام الحديث: فاشترى خُبيبًا بنو الحارث بن عامر بن نوفل - وكان خُبيبُ هو قتل يوم بدر الحارث - فمكث عندهم أسيرًا حتى أجمعوا على قتله، فاستعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحدَّ بها فأعارته، قالت: فغفلتُ عن صبيٍّ لي فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه، فلما أُريته فزعت فزعةً حتى عرف ذلك مني وفي يده الموسى، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل إن شاء الله تعالى، وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قطُّ خيرًا من خُبيبٍ، لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذٍ ثمرة، وإنه لموثق بالحديد، وما كان إلا رزقًا رزقه الله خُبيبًا، فخرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال: دعوني أُصَلِّي ركعتين، ثمَّ انصرف إليهم فقال: لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدتُ. فكان أول من سن الركعتين عند القتل، وقال: اللهمَّ أحصهم عددًا، وقال:

ولستُ أبالي حينَ أُقْتَلُ مسلمًا … عَلى أيِّ شِقٍّ كانَ في اللهِ مَصْرَعِي


(١) في المسند (٢/ ٢٩٤).
(٢) في صحيحه رقم (٣٠٤٥).
(٣) في السنن رقم (٢٦٦٠).
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>