للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بينة، وقد تقدم وفيه نظر؛ لأنه وقع في "مغازي الواقدي" أن أوس بن خولي شهد لأبي قتادة، وعلى تقدير أن لا يصحّ فيحمل: على أن النبيّ علم أنه القاتل بطريق من الطرق، وأبعد من قال من المالكية (١): إن المراد بالبينة هنا: الذي أقرَّ له أن السلب عنده، فهو شاهد.

والشاهد الثاني وجود المسلوب؛ فإنَّه بمنزلة الشاهد: على أنه قتله، ولذلك جعل لوثًا في باب القسامة.

وقيل: إنما استحقه أبو قتادة بإقرار الذي هو بيده، وهذا ضعيفٌ؛ لأنَّ الإِقرار إنما يفيد إذا كان المال منسوبًا لمن هو بيده فيؤاخذ بإقراره، والمال هنا لجميع الجيش.

ونقل ابن عطية عن أكثر الفقهاء (٢): أن البينة هنا يكفي فيها شاهد واحدٌ.

وقد اختلف في المرأة والصبيِّ: هل يستحقان سلب من قتلاه؟ في ذلك وجهان. قال الإِمام يحيى: أصحهما: يستحقان لعموم: "من قتل قتيلًا فله سلبه" (٣).

قال في البحر (٤): وإنما يستحق السلب حيث قتله والحرب قائمة - لا لو قتله نائمًا، أو فارًّا قبل مبارزته، أو مشغولًا بأكل، ولا لو رماه بسهم، إذ هو في مقابلة المخاطرة بالنفس، ولا مخاطرة هنا، ولا لو قتل أسيرًا أو عزيلًا عن السلاح، ولا لو قتل من لا سطوة له كالمقْعَد والزَّمِن - فإنْ قطع يديه ورجليه استحقَّ سلبه إذ قد كُفي شرُّه، ولو جرحه رجلٌ ثم قتله آخر فالسلب للآخر، إذ لم يعط ابن مسعود سلب أبي جهل وقد جرحه بل قاتليه من الأنصار. قال: فلو ضرب أحدهما يده والآخر رقبته؛ فالسلب لضارب الرقبة إن لم تكن ضربة الآخر قاتلةً، وإلا اشتراكًا، انتهى.

والمراد بالسلب: هو ما أجلب به المقتول من ملبوسٍ، ومركوب، وسلاح، لا ما كان باقيًا في بيته.


(١) الأوسط (١١/ ١١٧).
(٢) المغني (١٣/ ٧٤).
(٣) تقدم برقم (٣٣٤٧) من كتابنا هذا.
(٤) البحر الزخار (٥/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>