للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الإِسماعيلي (١): أقول إن الأنصاريَّيْن ضرباه فأثخناه فبلغا به المبلغ الذي يعلم معه أنه لا يجوز بقاؤه على تلك الحال إلا قدر ما يطفأ. وقد دلَّ قوله: "كلاكما قتله". على أنَّ كلًا منهما وصل إلى قطع الحشوة وإبانتها، ولمَّا يُعلمْ أن عمل كلٍّ من سيفيهما كعمل الآخر، غير أن أحدهما سبق بالضرب فصار في حكم المثبت بجراحته حتى وقعت به ضربة الثاني فاشتركا في القتل. إلا أن أحدهما قتله وهو ممتنع، والآخر قتله وهو مثبت، فلذلك قضى بالسلب للسابق إلى إثخانه.

وقد أخرج الحاكم (٢) من طريق ابن إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال: قال معاذ بن عمرو بن الجموح: سمعتهم يقولون: أبو جهل لا يخلص إليه، فجعلته من شأني، فعمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي - قال: ثم عاش معاذ إلى وقت عثمان - قال: ومر بأبي جهل معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته وبه رمق، ثم قاتل معوذ حتى قتل، فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل فوجده بآخر رمق فذكر ما تقدم.

قال في الفتح (٣): فهذا الذي رواه ابن إسحاق يجمع بين الأحاديث لكنه يخالف ما في الصحيح من حديث عبد الرحمن بن عوف، فإنه رأى معاذًا ومعوذًا شدّا عليه جميعًا حتى طرحاه، وابن إسحاق يقول: إن ابن عفراء هو معوذ بتشديد الواو، والذي في الصحيح معاذ، فيحتمل أن يكون معاذ بن عفراء شدَّ عليه مع معاذ بن عمرو، كما في الصحيح، وضربه بعد ذلك معوِّذ حتى أثبته، ثم حزَّ رأسه ابنُ مسعود، فتجتمع الأقوال كلها.


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (٦/ ٢٤٧).
(٢) لم أقف عليه في المستدرك.
لكن القصة مشهورة كما في صحيح البخاري رقم (٣١٤١) ومسلم رقم (٤٢/ ١٧٥٢).
وسيرة ابن هشام (٢/ ٣٣٢ - ٣٣٣).
(٣) في "الفتح" (٧/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>