للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (لبني عُقَيل) بضم العين المهملة كما تقدَّم.

قوله: (العَضْبَاء) بفتح المهملة وسكون الضاد المعجمة، ثم باءٌ موحدة، وقد تقدم الكلام في ضبطها في كتاب الحج (١).

قوله: (بجريرة حلفائك) الجريرة: الجناية. قال في النهاية (٢): ومعنى ذلك: أن ثقيفًا لما نقضوا الموادعة التي بينهم وبين رسول الله ولم ينكر عليهم بنو عُقَيْلٍ صاروا مثلهم في نقض العهد.

وفي الحديث دليل على ما ترجم المصنف الباب به من أنه لا يزول ملك المسلمين عن الأسير بمجرَد إسلامه (٣)؛ لأنَّ هذا الرجل أخبر بأنه مسلم وهو في الأسر فلم يقبل منه ولم يفكَّه من أسره، ولم يخرج بذلك عن ملك من أسره.

وفيه أيضًا دليلٌ على أن للإِمام أن يمتنع من قبول إسلام من عرف منه: أنَّه لم يرغب في الإِسلام وإنما دعته إلى ذلك الضرورة، ولا سيما إذا كان في عدم القبول مصلحةٌ للمسلمين، فإنَّ هذا الرجل استنقذ به النبي رجلين مسلمين من أسر الكفار، ولو قبل منه الإِسلام لم يحصل ذلك.

ويمكن أن يقال: إنَّ معنى قوله : "لو قلتها وأنت تملك أمرك؛ أفلحت كلَّ الفلاح" أي: لو قلت كلمة الإِسلام أو هذه الكلمة التي أخبرت بها عن الإِسلام قبل أن يقع عليك الأسر؛ لكنت آمنًا، ولم يجر عليك ما جرى من الأسر، وأخذ المال، ولم يُردْ بذلك ردَّ إسلامه، بل قبله منه، ولكنَّه لم يحصل بإسلامه الفكاكَ من الأسر، وإرجاع ما أخذ من ماله، فلم يحصل له كلُّ الفلاح؛ لأنَّه لم يعامل في تلك الحالة معاملة المسلمين، بل عومل معاملة الكفَّار فبقي في وثاقه، وتحت ملك من أسره.

وعلى هذا: يكون في الحديث دليلٌ على ما أراد المصنِّف؛ لأنَّ الرَّجل صار مسلمًا، ولم يزل عنه ملك المسلمين، وأما على تقدير: أن النبي لم


(١) في "نيل الأوطار" (٩/ ٣٦٠ - ٣٦١) من كتابنا هذا.
(٢) النهاية في غريب الحديث (١/ ٢٥٢) والفائق (٢/ ٤٤٤).
(٣) المغني لابن قدامة (١٣/ ٤٧ - ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>