للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بعض الحنفية (١): إن الحربي إذا أسلم في دار الحرب وأقام بها حتى غلب المسلمون عليها فهو أحقّ بجميع ماله، إلا أرضه وعقاره فإنها تكون فيئًا للمسلمين.

وقد خالفهم أبو يوسف (٢) في ذلك فوافق الجمهور.

وذهبت الهادوية (٣) إلى مثل ما ذهب إليه بعض الحنفية إذا كان إسلامه في دار الحرب، قالوا: وإن كان إسلامه في دار الإِسلام كانت أمواله جميعها فيئًا من غير فرق بين المنقول وغيره إلا أطفاله فإنه لا يجوز سبيهم.

ويدلّ على ما ذهب إليه الجمهور (٤): أنه أقرَّ عقيلًا على تصرّفه فيما كان لأخويه عليّ وجعفر، وللنبيّ من الدور والرباع بالبيع وغيره، ولم يغير ذلك، ولا انتزعها ممن هي في يده لما ظفر، فكان ذلك دليلًا على تقرير من بيده دار أو أرض إذا أسلم وهي في يده بطريق الأولى.

وقد بوّب البخاري (٥) على قصة عقيل هذه فقال: (باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم [مال] (٦) وأرضون فهي لهم).

قال القرطبي (٧): يحتمل أن يكون مراد البخاري أن النبيّ منّ على أهل مكة بأموالهم ودورهم قبل أن يسلموا، فتقرير من أسلم يكون بطريق الأولى.

قوله: (فأخذتها) الآخذ: هو صخر المذكور.

قوله: (قضى رسول الله في العبد … إلخ) فيه دليل على أن من أسلم من عبيد الكفار قبل إسلامهم صار حرًا بمجردّ إسلامه لما تقدم في الباب الأول (٨) أن العبيد الذين يفرّون من دار الحرب إلى دار الإِسلام عتقاء الله،


(١) مختصر اختلاف الفقهاء للطحاوي (٣/ ٤٥٢) والبناية في شرح الهداية (٦/ ٥٥٨ - ٥٥٩).
(٢) حكاه عنه العيني في "البناية في شرح الهداية" (٦/ ٥٥٩).
(٣) البحر الزخار (٥/ ٤٠٩ - ٤١٠).
(٤) المغني (١٣/ ١١٥ - ١١٦) والفتح (٦/ ١٧٥ - ١٧٦).
(٥) في صحيحه (٦/ ١٧٥ رقم الباب (١٨٠) - مع الفتح).
(٦) في المخطوط (ب): (مالون).
(٧) في "المفهم" (٣/ ٦٣١).
(٨) في الباب التاسع والأربعين عند الحديث رقم (٣٤٣٢) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>