للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحينئذ أمر بإكفاء القدور، ثم توقف فلم يأمر به ولم ينه عنه.

وحمل الإذن فيه على ثاني الحال لما علم أن الممسوخ لا نسل له وبعد ذلك كان يستقذره فلا يأكله ولا يحرّمه، وأكل على مائدته بإذنه، فدلّ على الإباحة.

وتكون الكراهة للتنزيه في حق من يتقذره، وتحمل أحاديث الإباحة على من لا يتقذّره.

وقد استدلّ على الكراهة بما أخرجه الطحاوي (١) عن عائشة: "أنه أهدي للنبيّ ضبّ فلم يأكله، فقام عليهم سائل، فأرادت عائشة أن تعطيه، فقال لها: "أتعطينه ما لا تأكلين؟ قال محمد بن الحسن: دلّ ذلك على كراهته لنفسه ولغيره.

وتعقبه الطحاوي (١) باحتمال أن يكون ذلك من جنس ما قال الله تعالى: ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ (٢)، ثم ساق الأحاديث الدالة على كراهة التصدّق بحشف التمر، وكحديث البراء "كانوا يحبون الصدقة بأردأ تمرهم، فنزلت: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ (٢)، قال: فلهذا المعنى كره لعائشة أن تصدّق بالضبّ لا لكونه حراماً.

وهذا يدلّ على أن الطحاوي (١) فهم عن محمد أن الكراهة فيه للتحريم.

والمعروف عن أكثر الحنفية (٣) فيه كراهة التنزيه، وجنح بعضهم إلى التحريم.

وقال: اختلفت الأحاديث وتعذّرت معرفة المتقدم فرجحنا جانبي التحريم، ودعوى التعذّر ممنوعة بما تقدم.

قوله: (في غائط مضبَّة) قال النووي (٤): فيه لغتان مشهورتان: إحداهما فتح


(١) في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٠١).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٦٧).
(٣) رؤوس المسائل (٥/ ٨٣٧) ومختصر اختلاف العلماء (٣/ ٢١١). والهداية (٤/ ٦٨).
(٤) في شرحه لصحيح مسلم رقم (١٣/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>