للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجمع العلماء بعد ذلك أَنه لا يجب الوضوء من أكل ما مسته النار، ولا يخفاك أن الجواب الأول إنما يتم بعد تسليم أَن فعله يعارض القول الخاص بنا وينسخه، والمتقرر في الأصول خلافه وقد نبهناك على ذلك في باب الوضوء من لحوم الإِبل.

وأما الجواب الثاني فقد تقرر أن الحقائق الشرعية مقدّمة على غيرها، وحقيقة الوضوء الشرعية: هي غسل جميع الأعضاء التي تغسل للوضوء فلا يخالف هذه الحقيقة إلا لدليل. وأما دعوى الإِجماع فهي من الدعاوى التي لا يهابها طالب الحق ولا تحول بينه وبين مراده منه نعم، الأحاديث الواردة في ترك التوضؤ من لحوم الغنم مخصصة لعموم الأمر بالوضوء مما مست النار وما عدا لحوم الغنم داخل تحت ذلك العموم.

٤/ ٢٦٧ - (وعَنْ مَيْمُونَةَ [رضي الله تعالى عنها] (١) قالتْ: أَكَلَ النبيُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، ثمَّ قامَ فصَلى ولَمْ يَتَوضَّأْ) (٢). [صحيح]

٥/ ٢٦٨ - (وعَنْ عَمْرِو بْنِ أمَيَّةَ الضَّمرِي [رضي الله تعالى عنه] (١) قالَ: رأيْتُ النبيَّ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِف شَاةٍ، فأكَل مِنها فَدُعيَ إلى الصلَاة، فقامَ وطَرَحَ السّكِّينَ وصَلَّى وَلمْ يَتَوضَّأْ. مُتَّفَقٌ عَليهِما) (٣). [صحيح]

قوله: (يجتزُّ من كتِف شاة)، قال النووي (٤): فيه جوازُ قطع اللحم بالسكين، وذلك قد تدعو الحاجةُ إليه لصلابة اللحم أو كِبر القِطعة. قالوا: ويُكره من غير حاجة.


(١) زيادة من (جـ).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ٣٣١) والبخاري (١/ ٣١٢ رقم ٢١٠) ومسلم (١/ ٢٧٤ رقم ٩٣/ ٣٥٦).
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ١٣٩) والبخاري (١/ ٣١١ رقم ٢٠٨) ومسلم (١/ ٢٧٣ رقم ٩٢/ ٣٥٥).
قلت: وأخرجه أبو داود الطيالسي (ص ١٧٧ رقم ١٢٥٥) والدارمي (١/ ١٨٥) وابن ماجه (١/ ١٦٥ رقم ٤٩٠) وابن الجارود رقم (٢٣) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٦٦) والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٥٣).
(٤) في "شرح مسلم" (٤/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>