للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شيء من الشرك المحرّم) فيه دليل: على جواز الرقى والتطبب بما لا ضرر فيه ولا منع من جهة الشرع وإن كان بغير أسماء الله وكلامه، لكن إذا كان مفهومًا؛ لأن ما لا يفهم لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك.

قوله: (من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل) قد تمسك قوم بهذا العموم، فأجازوا كل رقية جرّبت منفعتها ولو لم يعقل معناها، لكن دلّ حديث عوف أنه يمنع ما كان من الرقى يؤدّي إلى الشرك، وما لا يعقل معناه لا يؤمن من أن يؤدي إلى الشرك فيمنع احتياطًا.

وقال قوم: لا تجوز الرقية إلا من العين والحمة كما في حديث عمران بن حصين: "لا رقية إلا من عينٍ أو حمة" (١).

وأجيب: بأن معنى الحصر فيه: أنهما أصل كل محتاج إلى الرقية، فيلحق بالعين جواز رقية من به مسٌّ أو نحوه، لاشتراك ذلك في كون كلِّ واحدٍ ينشأ عن أحوال شيطانية من إنسيٍّ أو جنيٍّ.

ويلتحق بالسمِّ كلُّ ما عرض للبدن من قرح ونحوه من المواد السمية.

وقد وقع عند أبي داود (٢) في حديث أنس مثل حديث عمران وزاد: "أو دم"، وكذلك حديث أنس المذكور في الباب زاد فيه: "النملة" (٣).

وقال قوم: المنهي عنه من الرقى ما يكون قبل وقوع البلاء، والمأذون فيه ما كانت بعد وقوعه، ذكره ابن عبد البرّ (٤) والبيهقي وغيرهما وفيه نظر، وكأنه


= وقال: هذا الحديث لا يصح، وقد ذكره أبو عبد الله الحاكم في "صحيحه"، والعجب كيف خفي عليه أمره. ثم أعله بـ: محمد بن إبراهيم الشامي.
وخلاصة القول: أن الحديث موضوع، والله أعلم.
(١) أخرجه أبو داود رقم (٣٨٨٤) والترمذي رقم (٢٠٥٧) موصولًا عنه.
وأخرجه البخاري رقم (٥٧٠٥) موقوفًا على عمران بن حصين.
وهو حديث صحيح.
(٢) في سننه رقم (٣٨٨٩) وهو حديث صحيح دون قوله: "أو دم يرقأ" فضعيف.
(٣) تقدم برقم (٣٧٨٨) من كتابنا هذا.
(٤) في "التمهيد" (١٥/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>