للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ونبيُّ الله شابٌّ) فيه جواز إطلاق اسم الشاب على من كان في نحو الخمسين السنة، فإنَّ النبيّ عند مهاجره قد كان مناهزًا للخمسين إن لم يكن قد جاوزها، وفي إثبات الشيخوخة لأبي بكر والشباب للنبيّ إشكال؛ لأن أبا بكر أصغر من النبيّ ، فإنه عاش بعده ومات في السنّ التي مات فيها رسول الله .

ويمكن أن يقال: إن أبا بكر ظهرت عليه هيئة الشيخوخة من الشيب والنحول في ذلك الوقت، والنبيّ لم يظهر عليه ذلك، ولهذا وقع الخلاف بين الرواة في وجود الشيب فيه عند موته ، وفي هذا التعريض الواقع من أبي بكر غاية اللطافة.

قوله: (على ما يصدقك به صاحبك) فيه دليل: على أن الاعتبار بقصد المحلِّف، من غير فرق بين أن يكون المحلِّف هو الحاكم أو الغريم، وبين أن يكون المحلف ظالمًا أو مظلومًا، صادقًا أو كاذبًا، وقيل: هو مقيد بصدق المحلف فيما ادَّعاه، أما لو كان كاذبًا كان الاعتبار بنية الحالف.

وقد ذهبت الشافعية (١) إلى تخصيص الحديث بكون المحلِّف هو الحاكم، ولفظ (صاحبك) في الحديث يردّ عليهم، وكذلك ما ثبت في رواية لمسلم (٢) بلفظ: "اليمين على نية المستحلف"، قال النووي (٣): أما إذا حلف بغير استحلاف وورّى فتنفعه التورية ولا يحنث سواء حلف ابتداء من غير تحليف أو حلفه غير القاضي أو غير نائبه في ذلك. ولا اعتبار بنية المستحلِف بكسر اللام غير القاضي.

وحاصله: أن اليمين على نية الحالف في كل الأحوال إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه.

قال (٤): والتورية وإن كان لا يحنث بها؛ فلا يجوز فعلها حيث يبطل بها حقّ المستحلف، وهذا مجمع عليه. انتهى.


(١) ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ١١٧).
(٢) في صحيحه رقم (٢١/ ١٦٥٣).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ١١٧).
(٤) أي النووي في المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>