للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ (٢)، وغير ذلك.

وتعقبه (٣) بأن الذي قاله أبو جعفر ليس بظاهر؛ لأن قوله: ما شاء الله وشئت تشريك في مشيئته تعالى.

وأما الآية فإنما أخبر الله أنه أغناهم، وأن رسوله أغناهم، وهو من الله تعالى حقيقة، لأنه الذي قدّر ذلك ومن الرسول حقيقة باعتبار تعاطي الفعل.

وكذا الإنعام أنعم الله على زيد بالإسلام، وأنعم عليه النبي بالعتق، وهذا بخلاف المشاركة في المشيئة فإنها منفردة لله بالحقيقة، وإذا نسبت لغيره، فبطريق المجاز.

قوله: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) في رواية للترمذي (٤) من حديث ابن عمر: "أنه سمع رجلًا يقول: لا والكعبة، فقال: لا تحلف بغير الله فإنني سمعت رسول الله يقول: "من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك"". قال الترمذي (٥): حسن وصححه الحاكم (٦)، والتعبير بقوله: "كفر أو أشرك" للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك، وقد تمسك به من قال بالتحريم.

قوله: (فليحلف بالله أو ليصمت)، قال العلماء (٧): السرُّ في النهي عن الحلف بغير الله: أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده، فلا يحلف إلا بالله، وذاته، وصفاته، وعلى ذلك اتفق الفقهاء.

واختلف هل الحلف بغير الله حرام أو مكروه؟ للمالكية والحنابلة قولان، ويحمل ما حكاه ابن عبد البرّ (٨) من الإجماع على عدم جواز الحلف


(١) سورة التوبة، الآية: (٧٤).
(٢) سورة الأحزاب، الآية: (٣٧).
(٣) كما في "الفتح" (١١/ ٥٤٠).
(٤) في سننه رقم (١٥٣٥) وقد تقدم.
(٥) في السنن (٤/ ١١٠).
(٦) في المستدرك (١/ ١٨) وقد تقدم.
(٧) الفتح (١١/ ٥٣١).
(٨) في "التمهيد" (١٠/ ٢٤٢ - الفاروق).
• قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٠/ ٢٤١ - ٢٤٢): "فإن احتج محتج بحديث يروى عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>