للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العام على الخاص، ويكون المراد بقوله: "لا يمس ماء" غير ماء الوضوء، وقد صرح ابن سريج والبيهقي بأن المراد بالماء ماء الغسل.

وقد أخرج أحمد (١) عن عائشة [رضي الله تعالى عنها] (٢) قالت: "كان يُجنب من الليل ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ولا يمس ماء". (وثالثها) أن تركه لمس الماء لا يعارض قوله الخاص بنا كما تقرر في الأصول، فيكون الترك على تسليم شموله لماء الوضوء خاصًّا به.

وتمسكوا أيضًا بحديث ابن عباس مرفوعًا: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة" أخرجه أصحاب السنن (٣). وقد استدل به أيضًا على ذلك ابن خزيمة (٤) وأبو عوانة في صحيحه (٥). قال الحافظ (٦): وقد قدح في هذا الاستدلال [ابن زبيد] (٧) المالكي وهو واضح.

قلت: فيجب الجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، ويؤيد ذلك أنه أخرج ابن خزيمة (٨) وابن حبان (٩) في صحيحيهما من حديث ابن عمر: "أنه سئل النبي أينام أحدنا وهو جنب، قال: نعم ويتوضأ إن شاء"، والمراد بالوضوء هنا وضوء الصلاة لما عرفناك غير مرة أَنه هو الحقيقة الشرعية وأنها مقدمة على غيرها.

وقد صرَّحت بذلك عائشة [رضي الله تعالى عنها] (٢) في حديث الباب المتفق عليه (١٠) فهو يرد ما جنح إليه الطحاوي (١١) من أن المراد بالوضوء التنظيف، واحتج بأن ابن عمر راوي هذا الحديث وهو صاحب القصة:


(١) في "مسنده" (٦/ ٢٢٤).
(٢) زيادة من (جـ).
(٣) أخرجه أبو داود رقم (٣٧٦٠) والترمذي رقم (١٨٤٧) والنسائي (١/ ٨٥).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وهو حديث صحيح.
(٤) في "صحيحه" (١/ ٢٣ رقم ٣٥) بإسناد صحيح.
(٥) (١/ ٢٣٦ رقم ٧٩٩).
(٦) في "فتح الباري" (١/ ٣٩٤).
(٧) في "فتح الباري" (ابن رشد).
(٨) في "صحيحه" (١/ ١٠٧ رقم ٢١٢).
(٩) في "صحيحه" (١٨/ ٤ رقم ١٢١٦) بإسناد صحيح.
(١٠) رقم (١٧/ ٢٨٠) من كتابنا هذا.
(١١) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>